للأستاذ عقيلي بن عبد الغني الغامدي فضل كبير عليّ إذ كان معلماً لي حين كنت تلميذاً في الصف الخامس بمدرسة رغدان الابتدائية .. وتظل الصور النقية أوالقاتمة عن المعلمين عالقة في ذهن الطالب بل تصبح محفورة في الذاكرة لا تمحها الأيام أو السنين، وللحق أقول بأن أستاذي عقيلي كان يمحضنا بأبوة حانية فضلاً عن خروجه عن النمط التقليدي في التدريس إذ يبدأ بسرد القصص القرآنية بعدها ننطلق في القراءة أو الحفظ .. لذا عمق مفاهيمنا بأسلوب شيق وجذاب ومحبب للنفس.. \"والتميز\" الذي عُرف عن معلمي عقيلي لم يقتصر على الجانب التدريسي .. بل شمل جوانب أخرى إذ يُعتبر أحد المرتبطين بالنادي الأدبي بالطائف منذ تأسيسه وظل وفيا لناديه على مدار عقود من الزمن إذ استلم عدة مهام إدارية لخدمة الثقافة والمثقفين في تلك المنطقة .. واصدر الأستاذ عقيلي مجموعتين قصصيتين في فترتين زمنيتين متباعدتين الأولى \"الاخطبوط والمستنقع\" والثانية \"شجرة الليمون\" وتميزتا بأسلوبهما الرصين لملامسة بعض القضايا الاجتماعية .. فضلاً عن مشاركاته المتعددة في إحياء أمسيات قصصية في عدد من الأندية الأدبية . وقبل أيام جاءني إهداء من أستاذي عقيلي بعنوان \" المعلامة \" وهو كتاب صادر عن نادي الطائف الأدبي يسرد فيه المؤلف حياته منذ انضمامه للدراسة في \"المعلامة\" حتى سنة تقاعده بعد أن امضى مايزيد عن 34 عاماً في سلك التعليم . وبحق يعد الكتاب وثيقة لتنامي التعليم منذ عام 1372ه حتى الفترة الراهنة .. ويلتقط المؤلف بأسلوب شيق وعبارات أنيقة الكثير من المواقف والمفاجآت التي حدثت له والتغير الاجتماعي والثقافي والحضاري والمفارقات بين مجتمع القرية ومجتمع المدينة . ويحكي المؤلف الحياة القروية البسيطة قبل نصف قرن من الزمن والأسلوب التعليمي .. إذ يتم على يد المعلم أو الفقيه مقابل قروش قليلة . مشيراً للمنعطف الكبير الذي حدث في قرية رغدان بإطلاق التيار الكهربائي بواسطة \"ماتور كهربائي \"شراه احد أفراد القرية \" عبد الله بجاد \" يرحمه الله وذلك عام 1377ه وتستمر الإضاءة في الفترة الزمنية القصيرة ما بين آذان المغرب إلى ما بعد العشاء بنصف ساعة. وكانت رغدان وقتها حاضرة بني خثيم إذ تتميز بوجود سوق أسبوعي يوم \" الأحد \" فضلاً عن وجود المباني المسلحة التي قلما تتوفر في القرى المجاورة . الأستاذ عقيلي من خلال كتابه \"المعلامة \"أيقظ الذاكرة الجميلة عن الحياة القروية البسيطة .. ولما يمثله الكتاب في نظري من أهمية فاقترح من وزارة التربية والتعليم تشجيع مؤلفه بشراء كمية منه وتوزيعه على بعض المدارس لأنه يوثق الحياة التعليمية والاجتماعية ما قبل خمسين عاماً .. فهل تفعلها الوزارة ؟ من منطلق تشجيع ومؤازرة بعض المعلمين المتقاعدين و القادرين على التوثيق ورصد التطور المرحلي لتعليمنا . .