تذكرت قبل أيام نص المادة 115 من نظام العمل السابق، والتي كانت تتحدث عن إمكانية (تحديد حد أدنى للأجور عند الاقتضاء) سواء بصفة عامة أو بالنسبة إلى منطقة أو مهنة معينة، وذلك بناء على اقتراح يقدم من قبل وزير العمل، هذه المادة (البريئة) ظلت حبيسة المكتبات والأرفف لأكثر من ثلاثين عاما، عانت خلالها الجحود والنسيان، حيث لم يلتفت لها المعنيون ولم يصدروا بشأنها الاقتراح المنتظر بالرغم من أهميتها ومن كثرة المطالبين بتطبيقها. المعارضون لتفعيل هذه المادة يقولون: نرجو ألا يأتي اليوم الذي نضع فيه حدا أدنى للأجور؛ لأن الحد الأدنى حينما يأتي بقوة النظام يحسن أوضاع الموجودين ولكنه لا يشجع على توظيف السعوديين، ويقولون أيضا: لو فرض حد أدنى فستكون النتيجة ارتفاع أسعار السلع نتيجة لارتفاع أجر العمالة. ويختمون (حديثهم الشيق هذا) بقولهم: إن تطبيق حد أدنى للأجور سوف يوقعنا في حرج التفرقة بين المواطن والوافد وفق الاتفاقيات الدولية لمنظمة التجارة العالمية. هؤلاء المعارضون الذين أشرنا إلى وجهة نظرهم، للأسف الشديد هم من بيدهم سلطة اقتراح حد أدنى للأجور، وحتى نتقبل (ولو على مضض) ما أبدوه من رجاء وأعذار ومبررات تؤكد في مجملها على استحالة تنفيذ هذه المادة، نريدهم أن يفسروا لنا في المقابل أسباب إدراج هذه المادة ضمن مواد نظام العمل الحالي؟!، وحتى تتم الإجابة، علينا أن ننشد (شجرة) أخرى علنا نجني منها (العنب)، وعلنا نسد بها بعضا من حوائج ذلك العامل الكادح الذي يقضي جل يومه أو ليله في العمل وأول الشهر يكتفي بإلقاء النظرة الأخيرة على راتبه المتواضع، وهو يسحب من بين يديه عنوة لسداد قرض البنك وأقساط السيارة وإيجار الشقة ومبالغ الفواتير المفوترة (وغير المفوترة)!! ما ننشده هنا، هو تعديل الحد الأعلى لساعات العمل الأسبوعية من ثمانٍ وأربعين ساعة إلى أربعين ساعة، ليعمل العامل باليوم ثماني ساعات فعلية ويصبح له في الأسبوع يوما إجازة، وبذلك يجد الوقت الكافي بعد نهاية دوامه للبحث عن مصادر رزق أخرى من خلال أعماله الخاصة أو العمل كمتعاون لدى أي من الجهات غير المنافسة ، أم أن هناك أناسا لا ترحم ولا تريد لرحمة ربنا أن تنزل.