منذ ربع قرن تقريبا بدأت فكرة الرعاية الصحية الأولية، الفكرة هدفت لأن يكون لكل مواطن ملف صحي في مركز الحي أو القرية بحيث لا يتجه للمستشفى العام إلا من خلاله. مرت السنون والخطة ما زالت على الورق، المراكز الصحية الأولية قليلة بل نادرة وحال المستشفيات العامة يزداد سوءا بينما عدد السكان ينمو بتسارع هائل فكيف يكون حال المرضى منهم وأين يذهبون؟ يتعاقب الوزراء على وزارة الصحة وكل وزير يأتي بخططه وفريق عمله، حتى إذا رحل توقفت الخطط وبدأ الجديد من أول السطر. أول السطر هذا يعني قلب الصفحة على عشرات المشاكل التي لم تحل، وعلى مشاريع وخطط لم تكتمل، وهكذا إن لم يقض الجديد على القديم فإنه يقصيه فينقطع التراكم وتظل المشكلات تنمو وتتضخم في الظل. الأسبوع الماضي انتهى اللقاء التشاوري الأول لقيادات وزارة الصحة الذي عقد بمدينة الليث، وقد وجه وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة باستحداث وتفعيل أكثر من ستين برنامجا وإجراء إداريا لتعزيز خدمة المريض وكسب رضاه، وجعل تجويد الخدمة المقدمة للمواطن والمقيم أهم أولويات واهتمامات الوزارة، ولا أدري ماذا كانت اهتمامات وأولويات الوزارة في السابق حتى تحتاج إلى أكثر من ستين برنامجا لتحويلها لخدمة المريض وكسب رضاه، المهم أن برنامج الرعاية الصحية الأولية لم يرد له ذكر ولا حتى ضمن مشاريع الوزارة المتعثرة، ويبدو أنه ضمن المشاريع المتوقفة أو التي تم تغييرها إلى برامج أخرى. ليس لدي اعتراض على مشاريع وبرامج الوزارة الجديدة، لكنني لا أدري كيف يتم قياس رضا المرضى عن خدماتها إذا كان الكثيرون مازالوا لا يجدون السرير ولا الدواء ولا موعدا للقاء الطبيب إلا بعد أشهر والأخطاء الطبية في تصاعد وشكاوى تردي الخدمات في تصاعد أكبر، وأبرز برامج الوزارة الجديدة هو برنامج رصد الأخطاء الطبية وتحليلها، أليس هذا مؤشرا لواقع؟ لقد قلت وقال غيري إن أزمة وزارة الصحة أزمة إدارية فهي مفرخة بقية الأزمات والمشكلات، وحبذا لو يواصل الوزير عقد لقاءات تشاورية أخرى ولكن مع الأطباء ومع الفنيين لعله يكتشف أن بعض أنظمة وزارته وبعض قيادييها هم مكمن الخلل، فيغير الخطة من كسب رضا المرضى إلى بحث أسباب غضبهم وكثرة شكاواهم، وسبب غضب المرضى وكثرة شكاواهم ليس معضلة إذا أراد الوزير معرفته من أقصر الطرق.