لا بد أن ألتمس عذرا لأخينا عبدالرحمن الهيجان عضو مجلس الشورى الذي وصف ما تناقلته الصحف عن كارثة جدة بالمبالغ فيه، فهو لم ير الواقع بأم عينه ووجد أن ما تنشره الصحف فوق الاحتمال والتصديق، والحقيقة أن هذا الذي تنشره الصحف أقل بكثير مما هو موجود وموثق من صور حية متحركة على الإنترنت سجلها ونشرها كثيرون من شهود الكارثة أثناء وقوعها، ولا أدري ماذا يمكن أن يعلق به الأستاذ هيجان لو شاهدها وتأمل فيها، وأقترح عليه أن يفعل ف(youtube) متاح لكل من شاء، ولعله بعد أن يشاهد يجد أن تغطيات الصحف متواضعة أمام ما حدث، والأهم من ذلك أن يطالب مجلس الشورى بالقيام بجولة ميدانية على أرض الحدث قبل أن يقوم بمناقشة الموضوع داخل أروقة المجلس، فما راء كمن سمع أو قرأ. ولعلني بهذا أؤيد دعوة المهندس عبدالمحسن الزكري عضو المجلس الذي طالب بترتيب زيارات لأعضائه ولكن مع وضع أولويات لتلك الزيارات، فهو يقترح أن تكون إلى عدد من الجهات الحكومية بينما الأولى أن تبدأ - في نظري - بالجهات المنكوبة التي تحتاج من أعضاء الشورى موقفا ورأيا ودعما للإيجابيات وتلافيا للسلبيات. إن أهم موقعين الآن يستدعيان زيارة أعضاء الشورى هما مراكز الإيواء التي تم تجهيزها للنازحين من جراء العمليات العسكرية على حدودنا الجنوبية، والأحياء المنكوبة من جراء السيول بمدينة جدة، فمن واجب المجلس فيما أعتقد أن يقف أعضاؤه بأنفسهم على الواقع كما هو في هذين الموقعين ليطلعوا على حجم الضرر على الطبيعة كي يقيموا نوعية وحجم الجهود المبذولة لتخفيفه عن المتضررين على الطبيعة أيضا وسيجدون حتما أن هذه الزيارة الميدانية مهمة جدا ولا تغني عنها تقارير واستطلاعات وسائل الإعلام ولا التقارير الرسمية التي قد تقدمها الجهات المعنية للمجلس، بل إنني أعتقد أنها ستثري خبرات أعضاء المجلس ومعلوماتهم وتعطيهم فرصة أفضل لتكوين رأي أكثر واقعية وهم يناقشون قضايا وطنية أخرى مهما تشعبت وتنوعت فإنها تدور حول الإدارة وما يصحبها من نجاح أو يعتريها من فساد، ولاشك أن الوقوف على أرض الواقع ومقابلة الناس المستفيدين أو المتضررين في مثل هذه الأحداث النادرة يعطي مؤشرات مفيدة لمن هم في مقام ومسؤولية أعضاء الشورى. إنني أتفق مع الأستاذ هيجان في ضرورة ألا ينسينا ما حدث في جدة قضايا وطنية أخرى مهمة، خاصة أن ولي الأمر كلف لجنة لتقصي أسباب هذه الكارثة. ومن أجل هذه القضايا الوطنية المهمة ومن أجل المستقبل وليس الماضي أرجو أن يقوم أعضاء المجلس بهاتين الزيارتين المهمتين اللتين إن حدثتا سيكون لهما ما بعدهما في تفكير وآلية تعاطي المجلس مع القضايا التي يتصدى لها، والمجلس كما هو معروف مستشار مؤتمن.