اليوم يوم الرحمات.. يوم تُسكب العبرات، وتُغفر بفضل الله السيئات، وتُجبر الزلات، وترتفع بالتهليل الأصوات، وبطلب العفو خالص الدعوات. اليوم هو أشد الأيام على إبليس وأعوانه لما يراه من جهد طويل بذله طوال العام، فذهب هباءً منثورًا، إذ غُفرت الذنوب، ومُحيت السيئات، وعاد المذنبون كيوم ولدتهم أمهاتهم.. أي أن (عدّاد الذنوب) قد عاد صفرًا من جديد. وفي الوقت نفسه، يرابط على حدودنا الجنوبية مع اليمن إخوة لنا كرام يقفون في وجه عصابة غاشمة، وفئة ظالمة ذات أهداف مشبوهة، ومخططات شيطانية، ومقاصد ليست سوية. إخوتنا هناك في حاجة إلى دعاء خالص صادق ليكتب الله لهم نصرًا مؤزرًا، وفرجًا بيّنًا وعودًا سالمًا إلى أبنائهم وبناتهم وزوجاتهم ووالديهم وأهاليهم وذويهم، وقد أنجزوا المهمة على أحسن وجه، وردوا كيد العدو إلى نحره. هؤلاء البغاة أصحاب مكر بالغ، لكن (ولا يحيق المكر السيئ إلاَّ بأهله).. هم خونة لحق الجوار الذي لم يرعوه حق رعايته، ولم يمتثلوا فيه دينًا، ولا خلقًا، ولا شيمة، ولا إنسانية. هؤلاء هم ذكرى عبدالرحمن بن ملجم الذي غدر بالإمام العظيم الكريم علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وهم تبع لذلك الذي اغتال الفاروق -رضي الله عنه- وهو ساجد بين يدي ربه، وهم شبه لعمرو بن جرموز الذي غدر بالزبير بن العوام -رضي الله عنه-. كان عهد المملكة ولا يزال منذ قيامها حفظ العهد، وإكرام الجار، وسلامة الحدود. ولذا عدّت العرب نقض العهد من أسوأ الخلق وأذمه. وكان يُقال لمن يغدر: (لم يغدر غادر قط إلاّ لصغر همته عن الوفاء. واتضاع قدره عن احتمال المكاره في جنب نيل المكارم). وقال شاعرهم: غدرت بأمر كنت أنت جذبتنا إليه وبئس الشيمة الغدر بالعهد ناقضو العهود ليس لهم إلاّ الخيبة والخسران إن شاء الله، لكن يظل منا الدعاء لجندنا هناك مطلوبًا وواجبًا خاصة في هذا اليوم العظيم، والمشهد الكبير، والملتقى المهيب. اللهم انصر إخوتنا هناك على حدودنا الجنوبية، أعلِ شأنهم، وارحم شهيدهم، واغفر لنا ولهم.