منذ سنوات طويلة وحقيقة \"الإسلامويين أو جماعات الإسلام السياسي\" واضحة مكشوفة، فالدين عندهم ليس سوى وسيلة لأهداف سياسية أصبحت هي الأخرى مكشوفة أيضا، ولهذا ليس غريبا هذا التعاطف مع عصابة الحوثيين من قبل القاعدة، وجماعة الإخوان المسلمين، وقبلهم ومعهم النظام الإيراني الذي كان \"الإخوان المسلمين\" أول من بارك قيامه وأوفدوا وفدا لتهنئة الخميني عند قيام ثورته، فالجامع بين كل ما يبدو تناقضا مذهبيا هو الهدف الأسمى وهو \"السلطة\". جماعات الإسلام السياسي لم ولن تدخر وسعا في استغلال الدين لأغراضها وأهدافها، وهي لأسباب مختلفة أهمها ثقة الأنظمة السياسية في وقت مضى فيها نجحت في خداع المجتمعات الإسلامية والدول واستغلت براءتها الفطرية وجندت أبناءها باسم الدين في حروب خاسرة، وأعمال إرهابية كارثية، وأهم من ذلك أنها بنت لنفسها قاعدة فكرية واسعة داخل هذه المجتمعات والدول. هذه القاعدة الفكرية الواسعة تنقسم إلى قسمين، قسم المنظرين وهم القلة وهؤلاء يعرفون الأهداف النهائية، وقسم الأتباع وهم الغالبية وهؤلاء المخدوعون الذين غسلت أدمغتهم وألغيت عقولهم، وأصبحوا رهينة بيد المنظرين يأتمرون بأمرهم، ويقولون بقولهم. كل ما تقدم سبق أن قلته مرارا وقاله غيري وهو ليس جديدا لكني أكرره اليوم لتذكير زميلنا الأستاذ تركي الدخيل بهذه الحقيقة، فهو – غفر الله له – يعرفها، لكنه فيما بدا لي من تساؤله عن عدم القنوت والدعاء وتوزيع الرسائل المؤيدة للجيش السعودي في مهمته الوطنية لتطهير الحدود الجنوبية من عصابة المتمردين العابثين، أقول بدا لي مندهشا من غيبوبة الخطاب الإسلاموي التعبوي وغيابه عن مناصرة الجيش السعودي معنويا، مثلما فعل هذا الخطاب عند أمور صغيرة جدا قياسا بسيادة الوطن، مثل بطاقة المرأة أو الاختلاط أو غيرهما من الأمور المختلف حولها ولا تستدعي تجييشا مثلما يفعلون. لكن عندما ندرك أن هذه الأمور الصغيرة يجري تضخيمها لهدف آخر يتبين الفرق بين التعبئة المعنوية والفكرية لتلك الأمور الصغيرة، وبين التعبئة لمناصرة جيشنا النظامي، فهذا الأخير سلطة قائمة وأهدافه النبيلة واضحة، أما تلك الأمور الصغيرة فهي روافد ضمن وسيلة هدفها غير معلن، وإن أصبح مفضوحا ومعروفا. قلت إن زميلنا العزيز مندهش وهو يبدو كذلك لكنه في الواقع يمارس إحصاء يحتاج للتوثيق عن عدد أوراق التوت المتساقطة عن هذا الخطاب.