لا أعلم حقيقة تفاصيل الرماد الذي اختفت تحته شرارات الحرب بين الحوثيين والقوات اليمنية، لكن يبدو أن الحال -والله أعلم- كانت تمامًا في نسيان وإهمال حتّى انطبق عليها قول الشاعر: كل الحوادث مبداها من الهمل=ومعظم النار من مستصغر الشرر وتلك عقبى السكوت على الخطأ طويلاً، والاستهتار بالعواقب كثيرًا، فمن رحم التغاضي تُولد الأزمات والكوارث. ولقد سكت اليمن طويلاً على ذلك التمرّد اللّعين حتى كبر وشب عن الطوق، وبات يهدد بإشعال فتنة أولها معلوم وآخرها مجهول، فالله نسأله عواقب حميدة، ونهايات طيبة. والحوثيون تحركهم بلا شك أطماع كبيرة كما تدعمهم قوى بعيدة، ولم يكن من المناسب ممارسة الحلم معهم أكثر ممّا يجب، فلقد أثبتوا أنهم جهال، ولا بد من معاملتهم بجهل يفوق جهلهم على حد قول الشاعر: ألا لا يجهلن أحد علينا=فنجهل فوق جهل الجاهلينا وقال الشاعر العربي : فإن كنت محتاجًا إلى الحلم إنني=إلى الجهل في بعض الأحايين أحوج ولي فرس للخير بالخير ملجم=ولي فرس للشر بالشر مسرج فمن رام تقويمي فإني مقوم=ومن رام تعويجي فإني معوج وتاريخ المملكة مع جيرانها وأصدقائها ترسمه سياسة قد لا تبتعد كثيرًا عن قول الشاعر أعلاه، فهي ذات حُلم بالغ وصبر جميل، ولكنها لن تحلم طويلاً على الجهلة الذين يريدون النَّيل من أراضيها، أو جرّها إلى عراك لا ناقة لها فيه ولا جمل. خيول الخير السعودية ملجمة بالخير، لا تبخل به على الجيران والأشقاء، لكنها في المقابل ستسرج خيل الشر للأشرار، وستحيل مواقعهم العسكرية التي يتحصنون بها إلى دمار لن يعود عليهم بخير. اليمن باب خلفي للمملكة، طالما عانت من تهريب السلاح والناس عبره، وهي لن تسمح بتهريب الفتن والحروب عبره، فتلك خطوط حمراء فاقع لونها، شديدة دمويتها، والصبر عليها غير مقبول يُعد جرأة سافرة، وتدخلاً مرفوضًا تمارسه قوى الجهالة الحوثية. اللهم رد كيدهم في نحورهم، واحفظ علينا أمننا وديننا وبلادنا.