حظي الرئيس باراك حسين اوباما بتأييد لجنة جائزة نوبل للسلام التي صوتت لمنحه الجائزة، وحظيت غزة بتأييد لجنة حقوق الإنسان، المتضمن إدانة واضحة لإسرائيل. فمن ياترى يفوز بجائزة الاستحقاق التاريخي بعد أن يمضي اوباما ولايته الأولى، وبعد أن يخضع قرار لجنة حقوق الإنسان لمحك التطبيق؟ الممارسات السابقة تدل على أن الرهان على أوباما سابق لأوانه، وان لجنة حقوق الإنسان أصابت السياسة الأمريكية هذه المرحلة في مقتل ووضعت الرئيس الأمريكي ومعاونيه أمام خيار تمهيد الطريق لضمان الفوز بولاية ثانية في البيت الأبيض من خلال المحافظة على عدم إغضاب اللوبي الصهيوني ومن ثم إفشال قرار لجنة حقوق الإنسان وضمان حماية المسئولين الاسرإيليين من أي مساءلة باستخدام الفيتو وإحباط أي مسعى لتحقيق العدالة الدولية، وبهذا تفشل محاولة لجنة نوبل لجر اوباما لاتخاذ مواقف تاريخية تغير الممارسات الأمريكية ، وتكون بداية النهاية للتأييد المطلق لسياسة إسرائيل العدوانية، وتعيد للقانون الدولي هيبته واحترامه، وتؤسس لمرحلة جديدة في السياسة الدولية والممارسات العسكرية ، وبهذا تكون لجنة حقوق الإنسان وعلى وجه الخصوص الدول ال26 التي صوتت لصالح القرار الذي أعدته اللجنة التي تقصت الحقائق بقيادة السيد غولد ستون ورفاقه، هم الفائزون بالجائزة الحقيقية كنتيجة لقول الحق وإدانة الباطل. كما أن التاريخ لن ينسى دور الدول التي تخلت عن مسؤولياتها وعارضت القرار، أو امتنعت عن التصويت لان الحقائق واضحة وإدانتهم ستكون بسبب تفضيلهم المصالح السياسية على حساب المبادئ والأخلاق الإنسانية، وتجاهل القانون الدولي، والمعاهدات والمواثيق التي هم أطراف مُلزمَةً بتنفيذ نصوصها والتي تنطق صراحةً، على أن التخلي عن التزامات الدول يعد خرقا فاضحا للقانون الدولي، ولا مجال للاحتيال عليه أو تجاهله، وخاصة عندما ترقى التجاوزات الى جرائم حرب ضد الإنسانية، مثلما حصل في الحرب على غزة من قبل الدولة الصهيونية وبحماية الدول الموالية لها مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا ومن على شاكلتها من الدول التابعة للنفوذ: الأمريكي، البريطاني، الفرنسي، الإسرائيلي. والمسارات المتوفرة أمام رعاة القانون الدولي واضحة، الأممالمتحدة وقرار 377 في الجمعية العمومية ومن ثم مجلس الأمن لوضع مصداقية الرئيس الأمريكي على المحك. فإما أن يكون رجل قانون في المقام الأول ورجل سلام يبرر حصوله على جائزة نوبل للسلام في المقام الثاني، وإما أن يستخدم الفيتو لحماية إسرائيل من العقاب، ويثبت للعالم اجمع أن لجنة نوبل أساءت التقدير بمنحه الجائزة، وبذلك تحبط الآمال التي علقتها تلك اللجنة على الرئيس باراك حسين اوباما. أما لجنة حقوق الإنسان، والدول التي صوتت لصالح التقرير الذي قدمه غولد ستون ورفاقه، فلا يوجد أمامها إلا متابعة التقرير أمام محكمة العدل الدولية وملاحقة المسؤولين الاسرائيليين الذين خططوا ونفذوا الجرائم التي ارتكبت ضد الإنسانية في الحرب على غزة، وجلبهم أمام العدالة الدولية وإنزال عقوبات صارمة في حقهم بعد أن ثبتت إدانتهم. كما أن الدور العربي أمام مسؤولية تاريخية لحشد كل الجهود لدعم مواصلة الدفاع عن التقرير، والقيام بحملة دبلوماسية مكثفة تقتص من الدول التي صوتت ضد، أو امتنعت عن التصويت لصالح التقرير، والتأكد من استمرار الدول التي صوتت مع القرار - مستمرة في مواقفها المشرفة - وإحباط الضغوط الأمريكية والإسرائيلية ،التي تعمل على التأثير على بعض الدول، لتبرير مواقفها المشينة ضد حقوق الإنسان الفلسطيني. وحيث لم يسبق أن وضع رئيس دولة كبرى أمام خيارات تاريخية، وجوهرية، فُرضت عليه من خلال الظروف التي أتت به إلى البيت الأبيض، ويحوز على جائزة نوبل في السنة الأولى من ولايته كرهان على مصداقية حملته الانتخابية ووعوده بأن يكون داعية سلام، ثم يجد نفسه أمام خيار استخدام الفيتو الأمريكي ضد تقرير يدين جرائم حرب ارتكبت ضد الإنسانية ، تعرض القانون الدولي للانهيار. فهل يكون اوباما رجل سلام كما ارادت له لجنة جائزة نوبل للسلام؟ أم انه مجرد منفذ لسياسة أمريكية... رسمت منذ زمن بعيد... ولا مجال لتغييرها، وان الوعود الانتخابية مجرد وسيلة للوصول للمكتب البيضاوي لأداء الدور الذي رسم له مسبقا؟ إن قرار لجنة حقوق الإنسان يوفر فرصة تاريخية للرئيس الأمريكي، ليكون رجل قانون، وداعية سلام في نفس الوقت. ولعله يستلهم ما قاله الشاعر الانجليزي، شكسبير : تكون أو لا تكون ذلك هو السؤال!! To be or not to be that is the question يا سيد باراك حسين اوباما، التاريخ لا يرحم.