لا يعني أن يقوم كبير الموظفين بالتدخين داخل مكتب الخطوط السعودية في القاهرة انه مُهمل، أو مُقصر، وانه يتسلى بسحب الدخان الخارج من فمه، وأنفه على حساب العمل. كنت على بُعد ثلاثة أمتار منه حينما رأيت السيجارة ترتفع من يده، إلى فمه، ثم تهبط من فمه، إلى يده بشكل ليس فيه تعقيد، أو عصبية بينما هو يؤدي عمله على أكمل وجه وأحسن صورة.. نقلت عيني من اليسار حيث (كبير الموظفين).. إلى اليمين "حيث تجلس موظفة الحجز" لأرى عاملة المكتب تحمل صينية الشاي، وعليها بعض (سندويتشات الفول والطعمية).. وتقف لحظة أمام الموظف الآخر الكبير في الرتبة، والأشرطة "كأنها تستأذن في تمرير هذه السندويتشات" فيفتح عينا، ويغمض الأخرى فتشعر بشيء من الطمأنينة، وتواصل زحفها إلى من طلب هذه السندويتشات - وهي ما زالت ساخنة - فقد كاد النهار أن ينتصف، ولا بد من الاستعجال..! قبل سنوات أشاع أحد الزملاء الخبثاء أن وفدا كبيرا سافر إلى احدى الدول الأوروبية لحضور اجتماع لمنظمة الطيران الدولية، وأثناء عبور الطائرة مطار القاهرة، أو اقترابها من الأجواء المصرية اقترح المرافق الاعلامي على رئيس الوفد أن يهبطوا في مطار القاهرة وأن يتناولوا "وجبة فول، وطعمية" من محلات التابعي، وكان الوقت صباحاً، ونال الاقتراح إعجاب الرئيس فوافق عليه، وأجريت الاتصالات (الجوية، الأرضية) وحضر المندوب ومعه الفول، والطعمية، وتم تناولها بشهية. كما يزعم الصحفي الخبيث - فقد كان الجو شتاءً وتناول (الفول، والطعمية) في هذا المناخ البارد له طعم فريد، ومن ثم استأنفت الرحلة مسارها للبلد الأوروبي. وطبعاً فإن هذه الاشاعة التي صدرت من زميلنا الخبيث ربما يرجع سببها إلى حرمانه من التذاكر المجانية - التي تم تشديد الحصار عليها في تلك السنوات - فلجأ لخياله السلبي، ونشر بين زملائه - من نفس فصيلته - هذه الاشاعة التي ظلت ألسنة الصحفيين ترددها فترة من الوقت من باب الطرافة، والغرابة، وتمضية الوقت، وليس من باب أن هناك خطأ قانونيّاً.