على ذمة عكاظ (12 سبتمبر)، ألقت شرطة محافظة جدة القبض على امرأتين تستغلان زواج المسيار للاحتيال على الرجال، فبعد استلام المهور (الباهظة)، والأثاث، والمجوهرات، والملابس تختفيان عن الأنظار، ثم تبدآن عمليات تهديد الأزواج (الشكليين) بفضحهم لدى زوجاتهم الحقيقيات، إن هم شكوا إلى الشرطة ما لحق بهم من خسائر فادحة، ووعود كاذبة، ومماطلات واسعة. هذا الحال هو عَرَض لمرض، وهو جزء يسير جدًّا ممّا يمارسه بعض هؤلاء (المسياريين) ضد ضحاياهم من الزوجات (المسياريات)، فعلى ما ذكره سماحة المفتي -حفظه الله- تزوّج أحد المسياريين في عام واحد أكثر من 100 مرة، فسيادته يدخل بالواحدة منهنّ، ثم يطلقها سرًّا دون علمها ليطأ أخرى، وهكذا دواليك، لينتهي الحال إلى عشرات المطلّقات دون علمهنّ. ولست أدري هل هذا مشروع دينًا، أو عقلاً؟ وهل يجوز القبض على هاتين السيّدتين المحتالتين، بينما هذا الفحل مفلوت، يتنقل من فراش أنثى إلى فراش أخرى باسم الدِّين، وباسم الشرع، وباسم الذين أفتوا بشرعية هذا الزواج المفضي إلى أنواع شتّى من الاحتيال تحت غطاء من السرية والكتمان!! كل صورة من الصور المبهمة خاصة في العقود الإنسانية تؤدّي كثيرًا إلى استغلال غير مشروع، ونتائج غير مقبولة. والزواج مثلاً إنّما جُعل مودة، ورحمة، وسكينة، وإشهارًا بين الملأ؛ لتكون الذرية الصالحة التي يعلم عنها الآخرون، بما فيهم إخوتهم من الزوجة الأخرى، وإذا ما غُلّف كل ذلك بغطاء من السريّة تجنبًا لإغضاب الزوجة الأولى، فإن العواقب تكون ممّا سمعنا وقرأنا من الجانبين الذكوري والأنثوي. والذين أفتوا بصحة عقد نكاح المسيار، إنما نظروا إلى الشروط المادية الشكلية البحتة (شاهدان، ولي أمر، مهر)، ونسوا وتناسوا الجوانب الإنسانية الأساسية (مودة، رحمة، حقوق، شعور بالمساواة مع الأخرى)، وأغفلوا ما قد يكون مستقبلاً بالنسبة للولد والإرث والقطيعة (بسبب الجهل)، فهؤلاء إخوة لا يعلمون شيئًا عن إخوتهم، ثم فجأة بعد موت الأب يظهر هؤلاء من عالم المجهول ليشاركوهم الإرث قل أو كثر. ابحثوا عن جذور المشكلة، ولا تكتفوا بقشورها وأوراقها.