الأستاذ محمد علي الفايز وزير الخدمة المدنية رجل موضوعي محترم، وهو فوق ذلك صاحب تجربة ثرية وخبرة طويلة في إدارة العمل الحكومي وقيادته. في رسالة مقتضبة تلقيت تعليقاً من الفايز على مقالي المنشور هنا يوم الخميس قبل الماضي تحت عنوان \"الخدمة المدنية عقيم مترهل\" وأهم ما فيه فقرتان: الأولى، أنه ذكرني بمقال مماثل كنت قد كتبته قبل أكثر من ثلاث سنوات وبالتحديد يوم الخميس 26/5/1427 وصفت فيه نظام الخدمة المدنية بأنه متهالك، وكتب معاليه تعقيباً عليه نشرته الصحيفة في حينه واتفقت معه في تلك الأثناء على لقاء في مكتبه حال دونه توقفي عن الكتابة وسفري إلى بريطانيا. الفقرة الأخرى، قول معاليه \"إن نقداً يقوم على التعميم دون التخصيص ولا يشير إلى مواطن الخلل لا يساعد الوزارة في التطوير الذي يطمح له موظف الخدمة المدنية\". وهذه الفقرة سبقتها فقرة شبيهة في تعقيب الوزير القديم المشار إليه أعلاه، إذ قال آنذاك \"إذا لم يكن النقد مدعماً بالنصوص – نصوص نظام الخدمة المدنية – ومضامينها، فلا يعتد به، وإذا كان مصدر النقد أحاديث المجالس والأحكام التي تطلق على أساسها من خلال مقالات صحفية لا تستند على دراسة واستقصاء من متخصص مدعومة بأمثلة واقعية، فإن ما يكتب على هذا الأساس لا يعدو أن يكون انطباعاً لا يخدم أي غرض\". أود أولاً أن أشكر الأستاذ الفايز على سرعة تجاوبه، وثانياً أقول له إنني أتفق معه تمام الاتفاق فيما قال، وقد قلت في بداية مقالي الأخير، وفي بداية السابق أن ما أكتبه لا يتعدى كونه انطباعات شخصية لا تستند إلى دراسة ولا إلى استقصاء، فذلك ليس في إمكاني من جهة، كما لا تتوفر دراسات تقييمية لنظام الخدمة المدنية، يمكن الاستناد إليها من جهة أخرى، وإذا كانت موجودة فأرجو أن يدلني عليها معالي الوزير وأكون له من الشاكرين، سيما وقد أشار في رده القديم أن من ضمن المهام الرئيسة للوزارة إجراء الدراسات بصفة مستمرة بهدف الارتقاء بمستوى الخدمة المدنية. إنني آمل يا معالي الوزير أن تكون هناك دراسات أجريت أو أنها ستجرى لتثبت عكس انطباعاتي عن عقم وترهل وتهالك نظام الخدمة المدنية، وهي على أي حال ليست انطباعاتي وحدي، وإنما انطباعات كل مواطن يستطيع المقارنة بين نظام الخدمة المدنية الذي تطبقه الحكومة وبين نظام العمل الذي تطبقه الشركات والمؤسسات الأهلية الكبرى في الوطن في ضوء الإنتاجية والإنجاز والرضا العام بين الموظفين أنفسهم وبين المستفيدين من خدماتهم. وليعذرني معالي الوزير إذا قلت إن دوري ككاتب صحفي – بل ودور الصحافة – ليس قراءة أو دراسة الأنظمة على الورق، وإنما قراءاتها في حياة الناس، وتلمس آثارها وانعكاساتها عليهم، وليعذرني مرة أخرى إذا قلت إن انطباعاتي التي كتبتها عن نظام الخدمة المدنية لم تتغير، لأنني أتطلع أن يكون موظفو الحكومة كلهم مثل موظفي \"أرامكو\" أو \"سابك\" من حيث الحقوق والواجبات، ومن حيث الانضباط والإنجاز، فهل الخلل في انطباعاتي وتطلعاتي، أم في نظام الخدمة المدنية، أم في مكان آخر؟ سأحرص على لقاء قريب مع الأستاذ الفايز أملاً في إجابة مقنعة لهذا السؤال؟