من محاسن القدر أنني كنتُ والأخ العزيز (قينان الغامدي) في فندق واحد في مدينة (سدني)، في مؤتمر عن (الأزمة الاقتصادية العالمية والدور السياسي في الشرق الأوسط). وبعد أن تناولنا طعام الغداء، وملأنا بطوننا ممّا لذّ وطاب، واجتهدنا -والله يغفر- من خلال الشكل أنه حلال، لأنه من الصعب سؤالهم عن ذلك، مع أنني سألتهم بالإنجليزية، وهو -ما شاء الله عليه- يتقن الفرنسية، سألهم كذلك عن كون الطعام حلالاً أم لا، فلم يجيبونا!! المهم.. وفي الساعة الثالثة اتّصل على غرفتي وقال: ما رأيك أن نغيّر من أجواء هذا المؤتمر، ونحضر مباراة ستكون بين فريقي (ليفربول) و(المنتخب السعودي) في مباراة ودية. قلت: لا بأس، ولكن أخشى أن نتأخّر؛ لأن اليوم هو موعد الجلسة الختامية للمؤتمر، ويهمّني سماع النقاش الذي سيتم بين الأطراف المعنية من كبار المسؤولين حول خلاصة البحوث السابقة. قال: على خشمي، (ولو أشيلك على ظهري)، وإن شاء الله نرجع (بدري). فقلت له: تتوقّع الوصول قبل السابعة؟ قال: كلام خواجات!! لبسنا البناطيل والفلاين الشيك، ودخلنا الملعب مع جماهير (ليفربول) وكان الملعب يعجُّ بالجماهير التي بلغت (150,000) متفرج، صيّحنا وفرحنا، وأكلنا من (الفصفص) الذي أحضره أخي قينان من جدة! قلت له: ألا ترى أن الموعد سيدركنا؟ قال: بلى، وخرجنا مسرعين، وسألته: مين تتوقع يفوز؟ فرد مباغتًا: إنت مين تتوقّع؟ قلت: طبعًا -والله أعلم- (ليفربول)، لأن الشوط الأول كان (خمسة/ صفر) لصالح (ليفربول)، ونحن خرجنا نصف الشوط الثاني والنتيجة كما هي. فقال لي: أتوقع المنتخب السعودي سيتعادل أقل شيء، لأننا خرجنا! وهناك تغييرات جذرية أجراها المدرب السعودي! سكتُّ وقلت في نفسي: لعلّه يمزح!! ركبنا القطار، وداهمنا الوقت، وأدركتُ أننا لن نحضر الجلسة الختامية الحاسمة والمهمّة، والتي حضر فيها كل المسؤولين، فقلتُ مداعبًا: يا ابن العم، ما وعدتني (تشيلني على ظهرك) حتّى نوصل قبل الموعد؟ قال مداعبًا: المنتخب (يا خي) سحرنا بلعبه، قلت: حتّى وهم أكلوا (كوبري)؟! ضحكنا وقهقهنا، ونمت على أهازيج (ليفربول) حتى نسيت صلاتي!! في الصباح فتحت الإنترنت، وتجوّلت في موقع إحدى الصحف، فوجدت صديقي (قينان) كتب مقالاً تحليليًّا مبكرًا عن توقعه أسباب فوز المنتخب أمام (ليفربول)، ونحن لم نحضر للنهاية، وتحليلاً مبكرًا آخر عن حقيقة النقاش الذي دار في المؤتمر الختامي، ونحن لم نحضر الجلسة الختامية، ولكنا سمعنا الخلاصة، كما سمعها الناس عبر الشاشة، ومتابعة ما عرض له الصحفيون والمحللون في كل مكان!!! أيُّها السادة: إذا صدقتم الكلام الفاضي السابق كله، فسأقبل كلام أخي الحبيب (قينان الغامدي) عمّا نقله عن عنترية خالد مشعل ومن وراءه، في مقاله عنه في الوطن 20/6/1430ه!!وحال الأستاذ (قينان) مع (خالد مشعل) كمَن حضر حصار غزة، وجالس السلطة الفلسطينية، وتحاور مع شارون، وتفاهم مع مجلس الأمن وهيئة الأمم، ليكتب لنا نتيجة خلاصتها ما حصل معي ومعه في المباراة والمؤتمر!! لقد حاول أخي (قينان) تحوير (خالد مشعل) في دائرة العمل الحزبي الدعوي السياسي، وقدم مقدمة طويلة فرَّ من غوائلها، وكرّر دور (خالد مشعل) في دائرته الحزبية على حساب الحقائق!!الخلاصة يا صاحبي قينان: الإقناع السياسي عن فلسطين قناعة سنان، لا قناعة لسان!!