بعد أن لامسنا في حديث سابق علاقة الطالب ببيئته المدرسية والاجتماعية ، أضحى الاختلال في تلك العلاقة واضح المعالم ، وبدت الحاجة ملحة إلى إعادة صناعة البيئة المدرسية بما يحقق نشوء مشاعر إيجابية بين الطالب ومدرسته ، وهذا لن يتأتى ما لم نصل إلى فهم السمات الشخصية والتربوية لأبنائنا الطلاب في ضل ثقافة المجتمع ، وتحقيق رغباتهم وآمالهم التربوية ، التي ستساهم في خلق مناخ تربوي آمن ، ينتفي معه التسرب المدرسي الذي لا تنعدم مخاطره على الفرد والمجتمع ، والطريق إلى ذلك لن يكون إلا عبر بوابة البحث العلمي المتخصص ، واعتقد ان لدى وزارة التربية والتعليم الباحثين والمتخصصين المتمكنين من ناصية المنهجية العلمية ، كما ان جامعاتنا السعودية وكليات التربية بها لن تتردد في الاسهام في ذلك العمل الوطني الهام . الركن الثاني : المعلم وهو الجزء الهام في المعادلة التربوية ، فمتى كان المعلم عاشقا لمهنته استطاع الوصول بالعملية التربوية الى مواقع متقدمة من تحقيق الاهداف المرجوة ، لكن مسوغات الوصول الى تلك الصورة النموذجية يجب ان تراعي المتغيرات التالية:1- تأتي مهنة المعلم السعودي في موقع غير متقدم على قائمة الاهتمام الاجتماعي ، ويمكن الاحاطة بذلك من خلال مخرجات الثقافة الاجتماعية تجاه تلك المهنة ، وبالتأكيد يخرج عن دائرة المنطق تجاهل اثر ذلك على المعلم والطالب. 2- هناك نسبة من المعلمين يحرصون على توفير قنوات مالية رديفة لرواتبهم التي لا توازي اهمية ما يقومون به من عمل ذي اهمية في تشكيل مستقبل الامة ، وهذا قد يختزل مساحة من اهتماماتهم على حساب العمل التربوي . 3-هناك مجموعة من المعلمين امتهنوا الوظيفة التربوية بناء على توفرها وليس اختيارها ، وتبعاً لذلك سيكون الرضى الوظيفي لديهم خديجاً . 4-هناك نسبة من المعلمين يحملون هموما يومية تستعمر مشاعرهم ، اما بسبب رغبات لم تتحقق في حركة النقل السنوية ، او بسبب ابتعاد الزوجة المعلمة عن مقر زوجها المعلم . 5-يفتقد المعلم الى الرعاية الصحية المجانية له ولاسرته ، وهذا كفيل بتعزيز مشاعر القلق النفسي لديه ، والذي سيقوض اهتماماته التربوية . هذه بعض متغيرات المناخ التربوي والاجتماعي الذي يعيشه المعلم ، ولا شك انها لن تدفع به الى مواقع متقدمة من العشق الوظيفي للمهنة التربوية السامية ، ولأهمية دور المعلم كقنطرة لتمرير المعرفة من منابعها الى افئدة الناشئة رجال الغد ومستقبل الامة ، فانه من المحتم ان نعيد صناعة المناخ التربوي والاجتماعي والاقتصادي والصحي للمعلم ، كي تكون الوظيفة التربوية مطمحا لكل موظف ، وتكفل له حياة مهنية مستقرة ، تقوده الى الابداع الوظيفي ، فدول العالم الاول قد منحت معلميها من المميزات ما جعلهم يبدعون في ادائهم ، فقادوا ناشئتهم الى ما وصلوا اليه من تطور، ويشاركني القاريء الكريم ان المعلم السعودي يجب ان يحظى بكثير من المميزات ، التي من شأنها ان تخلق لديه الرضى الوظيفي للمهنة التربوية والبيئة المدرسية ، فيمنح من المميزات المادية والاجتماعية ما يفوق مميزات المعلم الياباني او الالماني اوالاسكندنافي ، ولا أخالني في حاجة للحديث عن اهمية دور المعلم في دفع دولاب التنمية الشاملة ، وعندما اتحدث عن الطالب والمعلم فان ذلك ظمنيا ينسحب على الطالبة والمعلمة ، فكلا الجنسين هما واجهتا العمل التربوي في بلادنا .