تحدثنا عن سوء استخدام الماء .. أول مؤشر على ماذا سيكون عليه مستقبل الماء في المملكة .. طلبنا رأيكم حول أسباب سوء الاستخدام .. مازال كاتبكم ينتظر .. لكن ماذا نعني بكلمتي (سوء) و (استخدام).. الأمر سهل. هل تمارس سوء استخدام الماء؟!.. إذا كنت كذلك، ما هو التصرف الذي (يردعك) ويوقف ممارساتك السيئة مع الماء؟! تقول العرب : العاقل خصيم نفسه .. هل تستطيع الحكم على تصرفاتك مع الماء؟! البعض لا يعط بالا لتصرفاته، فهل نطالبه بإحكام التصرف الرشيد مع الماء؟! نعم بقوة القانون والتشريعات التي تحمي الماء وتحافظ عليه، وترشد استخدامه.. الأهم، هل تمارس سوء استخدام الماء؟! إذا كنت تعرف فتلك مصيبة.. وإذا كنت لا تعرف فهذه مصيبة الوزارات المعنية. ثاني مؤشر : نتوقع للمياه المزيد من الاستنزاف الجائر.. ماذا نعني؟! عندما تملأ كوبا بالماء، ثم تشرب نصف الماء، وتتخلص من النصف الباقي .. فأنت هنا تمارس شيئين مختلفين .. الشيء الأول أنك قمت بتعبئة الكوب بالماء، وهذا استنزاف من المصدر.. إذا أخذت قدر احتياجك فهذا هو المتوقع، وهو الأمر المحمود .. تصرف رشيد .. لكن إذا أخذت زيادة عن حاجتك، فأنت تمارس عملية الاستنزاف وقد يكون جائرا .. تأخذ أكثر من حاجتك .. كنتيجة يتناقص حجم الماء في المصدر. بجانب هذا الاستنزاف، أنت تمارس عملا آخر، وسيئا .. أنت تمارس في نفس الوقت (سوء الاستخدام) .. لم تقم باستخدام كامل كمية الماء التي استنزفتها بغرض الشرب .. شربت النصف، ثم سكبت النصف الآخر.. هذا هو الاستخدام السيئ للماء .. يمكن أن تحدث هذه الممارسة مع أي استخدام للماء .. من عمليات الري إلى غسيل الطناجر .. إلى استعمال الفرشة مع (فاشق) كل يوم. حتى النبات له احتياجات محددة من الماء .. إذا أضفت الماء بكمية أكثر من حاجته، فأنت تمارس سوء الاستخدام وتمارس الاستنزاف .. هذا هو الري الجائر المنهي عنه في مثل ظروف المملكة. الاستنزاف وسوء الاستخدام وجهان لعملة واحدة .. ممارسات مضرة، وغير مبررة .. ممارسات ترتقي إلا أعالي قمم الإفساد والتبذير الذي يجب تجنبه .. بل وفرض تجنبه حتى بقوة القانون إن تطلب الأمر. الاستنزاف الجائر مرض في جميع مناحي الحياة .. خطورته ليست وقفا على الماء .. الأموال يمكن أن تصاب بهذا المرض العضال .. حتى الصحة يمكن أن تستنزف بشكل جائر .. وحتى استعمال السيارات والأدوات .. كل شيء يمكن أن يتعرض للاستنزاف الجائر ومنها الكهرباء .. هكذا يقودنا التفكير إلى الخوض في جوانب أخرى .. وينسحب هذا مع الاستخدام السيئ للأشياء .. ويبقى الماء محور الحديث الأهم. الاستنزاف يتعاظم بشكل خطير مع الماء .. أصبحت المملكة واحدة من أكثر الدول استنزافا للماء على مستوى العالم .. حققت مركزا متقدما في هذا المجال .. أصبحت من الدول العشر الأكثر استنزافا للمياه الجوفية على مستوى العالم .. وهذا أمر مؤسف يدعو إلى التأمل .. يدعو إلى التفكر والتعقل .. يدعو إلى ربط الأحزمة قبل الإقلاع إلى المريخ .. يدعو إلى فرض قيود صارمة تحد من الاستنزاف وسوء الاستخدام.. وتطبق على الجميع. أصبحت المملكة من الدول التي بلغ استنزافها للماء حدا يفوق كميات التعويض بواسطة الأمطار .. الأمر مخيف للعقلاء، ولكل صاحب حس وذهنية صافية تفكر في أبعاد ممارساتنا الضارة مع الماء .. هناك من يعيش يومه .. يعيش اللحظة .. لا يقدر العواقب، رغم امتلاك عقل يحلل ويستنتج ويتخذ القرار .. لكنه عقل غير مهتم. لو أن هناك جوائز عالمية في مجال استنزاف المياه الجوفية.. لكانت جميع الجوائز من نصيبنا .. هناك جوائز عالمية للأسوأ .. اقترح أن يدخل الماء ضمن هذه المسابقات .. ليس بهدف التشهير، لكن بهدف معرفة موقع الماء من الإعراب في المملكة. اقترح أن تكون هناك جائزة على مستوى العالم العربي في المريخ، يطلق عليها جائزة الجفاف والتجفيف. بالتأكيد ستكون من نصيب وزاراتنا المعنية .. أيضا سيحصدون درع ( الاستنزاف الجائر ) .. ودرع ( سوء الاستخدام ).. والبقية تأتي. هل يكفي الوعي لتبني ممارسات حكيمة لتعظيم الحفاظ على الماء؟! هل لديكم جواب.. ويستمر المقال.