اليوم هو عصر الفضاء المفتوح الذي يمطر المعلومات كما تمطر السحب المطر، ثم يكون النبات لكنه ألوان وأصناف شتى منها النافع ومنها الضار، منها السام ومنها الغذاء الشهي الصحي. وكذلك المعلومات التي تنبت عن هذه المصادر المختلفة من قنوات ومواقع إلكترونية ووسائط رقمية منها المفيد وغير المفيد منها الصادق ومنها الكاذب، منها الحقيقة ومنها الخيال، ولكنها تمور كما يمور الطوفان وتأتي على ما تلقاه في الطريق. المعلومة يتناقلها الناس وتقع من البعض موقع الحقيقة المسلم بها، فهو لا يراجعها ولا يتحرى عنها ولا يحاول الوصول إلى مصدرها أو مقارنتها بغيرها حتى يعرف إلى أي درجة هي صادقة تستحق منه أن يحتفظ بها ليستفيد منها أو يرويها لينفع بها، أو يرميها عن ذهنه حتى لا تشوش عليه. الذي لا يتحقق من مصداقية المعلومات في العصر الفضائي المتسع الآفاق، إنما يجني على نفسه وعلى غيره أيضاً، بل يقضي على ما له من مصداقية واحترام في بعض الأحيان، فقد تسمع ما تسمع أو تقرأ ما تقرأ ثم تذهب لتتحرى فلا تجد إلا الاختلاق والكذب. ربما يصل بك العجب مداه حين تسمع بعض الخطب أو الكلمات تلقى عليك فتسأل صاحبها عن المصدر الذي استقى منه فيقول قناة كذا، أو مجلة كذا، أو موقع كذا، فتسأله أن يمن عليك بصورة أو نسخة أو اسم موقع استقى منه فيجيب: رويت لي هكذا لكني لم أطلع بنفسي. وقد تقرأ في موقع أو كتاب، فتجد أن كل ما قرأت لا أساس له، فتسأل نفسك: هل كان الأمر يستدعي أن أضيع هذا الوقت كله، إنما: هي الحياة وهو العصر الذي نعيشه كما هو لكن نتحقق أولا .. وآخراً ..