* في الشهر الماضي عُقد الملتقى الأول للمجالس البلدية في مدينة الباحة، وحضره رؤساء وأعضاء من مختلف المجالس البلدية بالمملكة. وأوصى الملتقى بتطوير وتحديث نظام المجالس، لأنه وضع قبل ثلاثين عاماً. وطالب المجتمعون بإعادة صياغة لائحة المجالس بما يحقق سلطتها التقريرية والرقابية، وإعادة النظر في الصلاحيات واستقلال المجالس إداريًّا وماليًّا وفنيًّا لتكون قادرة على تحقيق مطالب المواطنين وتطوير الخدمات. وطالبوا أيضاً بدعم الوزارة للقرارات الصادرة عن المجالس، وتقدير دورها في تلبية مطالب المواطنين، وعدد آخر من التوصيات الأخرى!! * كنتُ أحسب -وربما أنتم كذلك- أن تجربة المجالس في دورتها الحالية جاءت أكثر نضجاً ووضوحاً. وتوقعتُ أن الوزارة قبل إطلاق التجربة اطّلعت على ما هو موجود في دول أخرى، وجاءت بآخر ما وصلت إليه التجارب العالمية. لكنني فوجئتُ حينما قرأتُ توصيات ملتقى الباحة، وإذا بها تطالب بتحديث النظام، لأن عمره تجاوز ثلاثين عاماً!! وحينما استعرضتُ التوصيات شعرت أن رؤساء وأعضاء المجالس يتوسلون الوزارة في منحهم صلاحيات، ودعمهم ليتمكنوا من ممارسة دورهم بشكل أفضل لخدمة المواطن، ومراقبة أداء البلديات.. مشكلة فعلاً إذا كانت هذه المجالس تعمل طوال السنوات الأربع الماضية بنظام قديم، ولوائح قاصرة، وبدون صلاحيات. * في الرياض عقدت وزارة الشؤون البلدية والقروية الأسبوع قبل الماضي ورشة العمل التثقيفية الأولى لعدد من رؤساء المجالس البلدية في المناطق والمحافظات، واستمرت لمدة يومين، وهدفت الورشة إلى تعريف المشاركين بنظام المجالس البلدية واللائحة التنفيذية لعمل المجالس، وتعريفهم أيضاً بآلية عمل المجالس، وكيفية تشكيل اللجان وتنظيمها. وركّز اليوم الأول على بحث الأسس والمنطلقات في عمل المجالس، واليوم الثاني على أهم الممارسات المتخصصة المطلوبة من عضو المجلس. * قرأت هذا الخبر ولم أصدّق نفسي أن رؤساء المجالس طوال السنوات الثلاث والنصف الماضية لا يعرفون نظام المجالس، ولا لائحته التنفيذية! وتعجبت كيف أنهم حتى الآن لا يجيدون آلية تشكيل اللجان وتنظيمها. وساورني الشك ولازلت غير مصدّق بأن الأعضاء لا يعلمون حتى الآن عن أهم الممارسات المتخصصة المطلوبة من عضو المجلس. * يا جماعة هل يعقل أن الوزارة نسيت هذه الإجراءات حتى شارفت صلاحية الدورة الحالية على الانتهاء؟ بعد أربعة أشهر من الآن ستنتهي الدورة الأولى المحددة بأربع سنوات، هل اكتشفت إدارة شؤون المجالس البلدية بالوزارة أن الرؤساء والأعضاء غير ملمّين بالنظام واللوائح والممارسات؟ هل يعقل أن تعمل هذه المجالس بنظام منتهي الصلاحية منذ ثلاثين عاماً رغم أننا نعيش عصر المعلومة والانفتاح والحوار والمشاركة الشعبية؟! هل جاءت هذه التجربة في الوقت الضائع؟ أم إنها وُلِدت قبل اكتمالها؟ أم أن هناك لبساً، وسوء فهم، وعدم قناعة؟ أسئلة مشرعة بمساحة الوطن وبحجم الطموح والإصلاح الذي تنشده القيادة.. فهل نرى في الدورة المقبلة ما يزيل الغموض، ويحقق الأهداف، ويعزز مبدأ المشاركة بأطر واضحة ونظام لا لَبْس فيه؟! خاصة وان مجلس الوزراء في جلسة أمس الأول جدد للمجالس الحالية سنتين وطالب بانجاز النظام.