* وأخيراً وبعد أخذ وعطاء وتصريحات مختلفة ومتناقضة أعلنت إسرائيل اعتراضها على المبادرة الأردنية المصرية، ومع أن هذا الاعتراض الإسرائىلي ليس جديداً .. حيث ترفض دائماً أي حلول عقلانية أو مبادرات مخلصة لكن هذا الرفض لا يخلو من المفاجأة، ففي الوقت الذي توقع فيه الفلسطينيون والعرب موافقة إسرائىل على الخطة الأردنية المصرية وذلك لتهدئة الأوضاع التي وصلت إلى حد الخطورة تعلن إسرائىل رفضها للخطة التي وافق عليها الفلسطينيون بشرط عدم تعديلها أو المساس بالأساسيات المعلنة فيها وهي استئناف المفاوضات من حيث توقفت ووقف التوسع الاستيطاني في الأراضي المحتلة، لكن رئىس الوزراء الإسرائىلي أرييل شارون يرى غير ذلك حيث يطالب بنسف كل ما تحقق من تقدم في عملية السلام بدءاً من مؤتمر مدريد وحتى وصوله إلى السلطة، اضافة إلى تأكيده على استمرار التوسع الاستيطاني حيث يرى وحسب زعمه أن الابقاء على المستوطنات بل وتوسيعها لا يطرح مشكلة! وتصريحات شارون واعتراضه على (المبادرة) التي لاقت استحسان وتأييد روسيا وفرنسا ودول أوروبية وغيرها سوف تنسف عملية السلام من أساسها إضافة إلى أنها تنسف كل أمل في تهدئة الأوضاع المتوترة، بل وتساعد في اشعالها، وهذا ما يحدث حالياً على أرض الواقع اضافة إلى ما يتوقع حدوثه مستقبلاً من توسع دائرة المواجهات وتحولها إلى حرب حقيقية سواء أراد ذلك شارون أو لم يرد وسواء تحركت الجيوش العربية لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية المتصاعدة أو لم تتحرك في محاولة لتهدئة الأوضاع وتجنب حرب قد تقضي على الاستقرار وتفتح الباب أمام اشكاليات واضطرابات كثيرة، لكن رغم ذلك كله وعلى افتراض أن شارون لا يريد حرباً وهو غير قادر على ذلك في حقيقة الأمر لكنه بتصرفاته الهوجاء وسياساته الحمقاء سيجبر المنظمات الفدائية إلى توسيع أعمالها والانتقام من أعمال القتل الصهيوني ضد أبناء الشعب الفلسطيني. والحصار المتزايد ضد مدنهم وقراهم والتوسع الاستيطاني على حساب منازلهم وممتلكاتهم بل وضد التحركات العسكرية الإسرائىلية في جنوب لبنان، وهذا ما تؤكده هذه المنظمات التي نفذت أعمالا فدائية داخل العمق الإسرائىلي والتي أعلنت انها سوف تنفذ عمليات استشهادية جديدة وانها سوف تستمر في ذلك ومن ورائها كافة أفراد الشعب الفلسطيني الذي لا يهاب الأسلحة الإسرائىلية في تحد حقيقي مدعوم بالايمان والصبر والاخلاص لقضيته في مواجهة جيش استعماري قوي، وهذا ما يقلق إسرائىل ويجعلها في خوف دائم من شباب يحمل روحه في راحته وينذر نفسه من أجل قضيته العادلة فها هو بلال محمد شلش الذي لم يتجاوز الثالث عشر ربيعاً يواجه الرصاص الإسرائىلي دون خوف أو فزع رغم اصابته بعيار مطاطي وطلقة نارية ويؤكد انه سيستمر في الانتفاضة مع اخوته الستة وكافة زملائه في المدرسة، مؤكداً أن صورة الطفل الشهيد (محمد الدرة) حافز له على مواصلة العمل الفدائي ضد العدو الصهيوني. وأخيراً فإن على شارون وحكومته أن يعي أن هناك مئات الآلاف مثل محمد الدرة وبلال شلش من أبناء الشعب الفلسطيني الذي لن يسكت على جرائمه والذي لن يعطيه الفرصة للتمادي في احتلال الأرض والتوسع في الاستيطان والحصار والقتل، وعلى شارون أن يختار بين البحث عن السلام أو البحث عن الحرب.