مع تجاوز مقولة الغرب عما يمثله الاسلام من خطر على العالم! وما يجب التعامل معه في هذا الاتجاه، ومع افتراض حسن النوايا وتصديق الرفض القاطع من قبل بعض الجهات الغربية لهذه المقولة العنصرية والعدائية ضد الاسلام والمسلمين، فإن هذه المقولة وان انتهت من مخيلة بعض المسلمين فإنها ظلت في عقول آخرين، وكان يمكن تجاوزها نهائياً لولا بعض التحركات والتصريحات والتصرفات من قبل بعض الجهات الغربية التي تغذي هذه المقولة وتومئ الى عداء يرفضه العقلاء من الجانبين. وإذا كنا نتحدث عن مقولات وتصريحات تطلقها بعض الجهات الغربية فإن المسألة تظل في جانب حرية التعبير عن الرأي - كما يبرر لها الغرب - وتبقى مسألة رد الفعل لدى العالم الاسلامي سواء بايضاح الأمور حول هذه الحملات الإعلامية والدعائية وتفنيد الاكاذيب والأقاويل او بالسكوت احياناً كثيرة، وتجاوز هذه الاتهامات باعتبار انها تعبر عن آراء خاصة وليست عامة ولم تأخذ صفة الرسمية والقرار من قبل السلطات السياسية في الدول الغربية، ثم للحفاظ على علاقات طيبة ومتوازنة مع الجانب الغربي. ومع تصاعد الحملات الدعائية والعدائية الظالمة ضد العرب والمسلمين وخاصة بعد (أحداث سبتمبر عام 2001) فإن العالم الاسلامي بدأ ينظر الى هذه الحملات بشكل مختلف حيث تأكد له ان المسألة لم تعد اختلافا في الرأي او خلافا حول قضايا ثانوية يمكن تجاوزها بايجاد الحلول المناسبة رغم ان الدول الاسلامية لم تأل جهداً في السعي الى ردم الهوة وانهاء الخلافات لكن المعسكر الغربي وما يمثله من عدة دول اوروبية وعلى رأسها الولاياتالمتحدة بدأ يطرح رؤى وحلولاً لمنطقة الشرق الأوسط التي تضم الكثير من دول العالمين العربي والاسلامي وفق معايير غربية قد لا تتماشى مع تراث ومتطلبات وثقافة هذه المجتمعات ولعل المبادرات الأمريكية والاوروبية للاصلاح السياسي والديمقراطي في الشرق الأوسط التي تم طرحها والحديث عنها حالياً بصوت مرتفع هي أبرز هذه الرؤى الغربية التي لا تتوافق مع واقع الحال بالنسبة للمنطقة فهي \"ناقصة\" بكل المعايير حسب تعبير الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور عمرو موسى الذي اكد ان العالم العربي لم يتم التشاور معه حول هذه المبادرة وانه لابد ان \"يستمع الأمريكيون الينا.. حتى نستمع اليهم\" واصفاً هذه المبادرة انها ضمن مبادرات كثيرة تخص المنطقة دون مراعاة لمصالح الدول والشعوب وكأن السماء تمطر مبادرات وكأن الشرق الأوسط سيكون حقل تجارب. وفي هذه المقولة للسيد عمرو موسى رفض صريح وواضح لأي تدخل خارجي في شؤون المنطقة تحت أي مسمى لانه ومع تسليمنا وقبولنا بالديمقراطية وحقوق الانسان، إلا ان الاستقرار - كما أشار موسى - يتطلب حلاً لمشاكلها وعلى رأسها النزاع العربي - الإسرائيلي الذي يجب ان يسعى العالم الى ايجاد الحل العادل والشامل له لا ان يبحث عن مسائل اخرى تمس سيادة الدول او التدخل في شؤونها الداخلية، ثم ان السيد موسى اكد على قضية في غاية الأهمية وهي انه لا يمكن القبول بمعايير مزدوجة في موضوع أسلحة الدمار الشامل في اشارة الى الترسانة النووية الإسرائيلية التي لم يتحدث عنها الغرب وفي مقدمتهم الولاياتالمتحدةالأمريكية في حين تنطلق الاتهامات تجاه العديد من دول المنطقة. ومن هنا فإن المسألة تحتاج الى وقفة قوية وحازمة من قبل دول منطقة الشرق الأوسط بما فيها الدول العربية والاسلامية وذلك للعمل على ابعاد المخاطر والتعاون مع الآخرين بما فيها أمريكا والدول الاوروبية لصالح دول وشعوب المنطقة، كما يجب على الجانب الغربي خلال تعامله مع الدول الاسلامية والعربية ان يأخذ في الاعتبار مصالح ومتطلبات واحتياجات هذه الدول من التنمية والتطور والتقدم وذلك بغية تفعيل دورها العالمي في الجوانب الحضارية والاقتصادية في إطار المساعي لايجاد مجتمع عالمي متعاون ومتكاتف، لا ان يسعى الى تهميشها او الاضرار بها بل لابد من مساعدتها في التغلب على مشاكلها وايجاد الحلول المناسبة للقضية الفلسطينية التي ظلت ومازالت تؤرق شعوب المنطقة وتهدد استقرارها وتقف في طريق نموها وتقدمها ومساهمتها العالمية في البناء والحضارة.