وجوابي بكل جراءة ووضوح ومكاشفة منذ البداية: أنا أحياناً مع ، وأحياناً ضد ، وأحياناً لا مع ولا ضد! عند الناس اليوم وللأسف الشديد حتى الصالحين منهم ولع شديد على تحييد الخلائق في تيار محدد! يريدون منك أن تذعن لفتوى شخص معين أو هيئة علمية بذاتها ، يريدون منك أن لا تقول رأيك المنصف الموضوعي عن الفكر الفلاني أو الأديب العلاني لكي لا تنشر صيته ، وكأن الأمة تنتظر كلمتك الموضوعية ، لتتعامل معها خطأ ! يريدون أن يؤولوا ما قلت ، وما كتبت ، ومن جلست معهم ، ومن سافرت إليهم . بل أصبحوا يؤولون ما سكتَّ عنه! إذا ذكرتَ في المسالة خلافاً فأنت تميع الدين ، وإذا أشرت بذكر مؤلف رصين قالوا يروج لفكر كذا أو جماعة كذا! يريدونك أن تقرر مصالحك الشخصية التي لا تتعارض مع الدين وفق الأيديولوجيات والآراء التي يأخذون بها ويصنفونك عليها ! يريدونك أن تبدع وتخطط وتمارس كل مهاراتك حتى النادرة منها بشرط أن يكونوا راضين مرتاحين. يريدون أن يقيّموا مسيرتك العامة والخاصة ، بل لديهم استعداد أن يقيموا كل شيء لمجرد رأي رأيته ، أو قول قلته ، أو مسألة تبنيتها ، أو مشروع دعمته ، ولو كان كل ذلك يعود لوجهات النظر ، حتى لو اختلف حولها الفقهاء الأقدمون والمتأخرون، طالما لا يرون بها! يريدون أن يحولوا مشاريعك وأعمالك ضمن تيارهم الذي يعني عدم الأخذ بأي رأي أو تبني أي فكرة أو البدء بأي خطوة يخالفك حولها البعض! وفي المقابل هم جاهزون للتبرع بالنيابة عنك ليكتبوا في المنتديات، ويتكلموا في المجالس أو المنابر، أو في الصحف، أو عبر الرسائل، أنك كلك بكل جهادك وفكرك وعطائك مختزل في رأي رأيته خالفتهم فيه، وقد حالفتهم في مئات الآراء، أو في مشروع لم يسغ لهم، وهم يشاركونك في عشرات المشاريع الأخرى التي تبنيتها! إن كل من يدب على هذه الأرض هو كائن نسيج وحده ، يقبل النصح والتوجيه طالما كان متواضعاً، ولكنه لا يقبل أن يكون إمعة حتى مع الفقهاء والخطباء والصالحين أصلحنا الله وإياهم!!