وفجأة .. وبلا سابق حدس داهمتني قشعريرة مريرة إستحضرَتْ معها ذاكرتي المثقوبة مشهد تلك الفتاة وهي تؤدي دور البطولة على الخط الفاصل بين الجنة والنار وكل جوارحها مشغولة بالطريقة التي تمكّنها من تهريب مكعبات الثلج لأخيها القابع في الدرك الأسفل من النار بعيدا عن أعين الله ( تعالى الله ) ..! هذا ماتقوله إحدى الروايات العالمية التي لايحضرني إسمها ولا إسم كاتبها لبعد العهد . إستحضرت ذاك المشهد المقزز قبل أن أفرغ كالعادة من قراءة واحدة من \" مجونيات \" محمد السحيمي .. ذاك المتموشق قلما لاينزف إلا قيحا .. المتأبط شرا .. زقوماً .. زقوما .. ذاك الكائن الغريب في كل شيئ .. كل شيئ .. حتى وهو يحاول إستظراف نفسه .. أو استخفاف دمه ..! ولأن \" كلمةً \" ربما تهوي بصاحبها على أم رأسه وفي وادٍ سحيق , فلدى السحيمي قواميس تئنّ بالكثير من الكلمات التي ماتفتأ تقول له دعني .. وزوايا \" الذاكرة \" أحد تلك الشواهد .. ولعل آخر مجونياته وأتمنى أن تكون الأخيرة ماكتبه وبطريقة فجّة في ( الوطن الأربعاء 21 ربيع الأول 1430ه الموافق 18 مارس 2009م العدد 3092 السنة التاسعة ) . مواسيا الشاعر محمد الثبيتي ( شفاه الله ) والذي يرقد هذه الأثناء في إحدى غرف العناية المركزة بأحد مستشفيات جده .. مانصّه : ( إنهض يا سيدي.. ما رأيك إن كنت رأيت الموت أن نهرِّبك منه كما هرَّبك \"أبو مدين\" تلك الليلة ..؟ هيّا : \"علي الرباعي \" ينتظرك في \" جيبه \" مع \" غرم الله الصقاعي \" , ولن يتوقفا بك إلا عند \" محمد زايد الألمعي \" في الجنوب ، أو \" عبدالسلام الحميد \" في حائل ) ..! هذا هو السحيمي .. وذاك فكره .. يجهّز سيارة صديقه \" الرباعي \" الذي يجلس بدوره خلف مقودها متحفزا .. وإلى يمينه صديقه الآخر \" الصقاعي \" بعد أن أخذ عهدا عليهما بأن لايقفا ب\" الثبيتي \" بعد إختطافه من بين أنياب الموت إلا \" في الجنوب .. أو حائل ) ..! ياالله .. ألهذا الحدّ بات الموت في نظره أعمى ..؟ والنبض دما .. ؟ أمن المعقول أن يستحيل الثابت متحولا ..؟ أم من المعقول أن يكون قد إستنسخ فكر عثمان العمير ورؤيته المستقبلية للموت وتوقّعه باسكتشاف الدواء المناسب له .. وعمّا قريب على حدّ تخميناته ..؟! ولم لا ؟!.. و\" الشك \" ينخر عقله .. ويستبدّ بتفكيره .. وينهش ماتبقى من قلمه .. ؟ الثقافة يامحمد ليست في تقعبر اللغة .. ولا في اللعب بالكلمات على طريقة المتكلمين .. تذكّر أن الحافر سيقع على الحافر يوما .. فلا تكن نصف متكلم فتفسد الأديان .. ولانصف منفلسف فتفسد اللسان .. لاتكن كمن أُعطوا ذكاء ولم يُؤتوا زكاء .. ولا ممّن قال الشافعي في حقهم : \" حُكمي في هؤلاء أن يُضربوا بالجريد والنعال .. ويُطاف بهم في القبائل والعشائر .. ويُقال : هذا جزاء من ترك الكتاب وأقبل على الكلام \" .. قال بيهرّب الثبيتي قال .. ومن مين ..؟ من الموت .. ها ..! \" قل إن الموت الذي تفرّون منه فإنه ملاقيكم \" .