يأتي التوجيه الكريم من خادم الحرمين الشريفين بتوسيع فرص العمل للمرأة للتأكيد على أن سوق العمل في المملكة سيشهد تغيرا جذريا ونوعيا معا ، بسبب المنافسة على الوظائف المطروحة وسينتج عن ذلك تحسن ملموس في كيفية الأداء ، والانضباط ، وسلوكيات الموظفين من الجنسين . كما أن هذا التحول سيفرض على المجتمع التكيف مع دخول المرأة معترك الحياة العامة من أوسع أبوابها . ومن المنتظر أيضا أن يشكل حافزا قويا لدى الشباب المتراخين في أداء أعمالهم عندما يرون المرأة تواظب على العمل ، وتنجز ما يوكل إليها من أعمال إدارية وفنية بمستوى عالٍ وبدون تذمر أو تسيب خلافا لما يشاع عن بعض العاطلين عن العمل حاليا . ولعل ذلك يجعل الشباب يتوجهون للأعمال التي لا تقدم عليها المرأة مثل: أعمال البناء ، والصيانة في شتى المجالات والتي تحتاج إلى مجهود عضلي وتواجد ميداني قد لا يتناسب مع ظروف المرأة الجسدية وإمكانات تنقلاتها إذا تطلبت طبيعة العمل ذلك . والبعض يرى أن مبررات وجود أعداد لا نعرف مدى دقتها من الشباب السعودي عاطلة عن العمل لها سببان الأول: مصدره القطاع الخاص الذي تعود على العمالة الوافدة التي لا تعصي له أمرا ، وذات التكلفة القليلة ، مقارنة بما يتوقعه العامل أو الموظف السعودي . يضاف إلى ذلك المواظبة ، والاستمرارية في العمل لسنوات طويلة يستطيع من خلالها التاجر وصاحب العمل تنمية مشاريعه ، وتحسين أدائها ، والرفع من مستوى أرباحه . والسبب الثاني: يتعلق بالفرد السعودي الذي يبحث عن الاستقرار في عمل ما ولا يجده . ومن الانطباعات المتداولة ، أو الأقاويل التي تتردد على ألسنة الناس وأصحاب العمل بالذات ، أن الشاب السعودي غير منضبط ، ويريد من البداية عملا مريحا ، وراتبا عاليا ، وساعات عمل على مزاجه الخاص ، بجانب عزوفه عن أعمال الصيانة بشتى أنواعها لأنه سيضطر للعمل بجانب العمالة الوافدة وذلك يشكل انتقاصا لمقامه كمواطن سعودي ، ولأن المجتمع ما زال ينظر لبعض الحرف نظرة دونية لا تليق بمقام المواطن السعودي كما يتصور البعض . وبما أن ولي الأمر علق الجرس ووجه بفتح المجال للمرأة بالعمل في أي مجال يتناسب مع وضعها وتكون مؤهلة للقيام بمهامه بشكل مقبول وبراتب مجزٍ ، فإن ذلك سيعني فتح باب التنافس على الوظائف المعروضة في سوق العمل بغض النظر عن الجنس رجلا أو امرأة ، وسيكون الفيصل في أحقية التوظيف ، التأهيل ، ومستوى الأداء ، وعندئذ من المتوقع أن يحصل تغيير في سلوكيات الشباب العاطلين عن العمل بشكل يجعلهم أكثر انضباطا ، وأكثر قابلية ، لبعض الوظائف التي لا تروق لهم في الوقت الراهن . وفيما يخص القطاع الخاص ، فإن الرسالة . . أن الدولة لن تستمر إلى الأبد في تلبية طلباتهم لاستقدام العمالة الأجنبية على حساب ارتفاع معدلات البطالة ، وهذا يفرض عليهم التعاون مع الدولة في تدريب الأيادي السعودية لتحل محل العمالة الوافدة بالتدريج . فشكرا لخادم الحرمين الشريفين على توجيهاته الكريمة بإعطاء المرأة فرصة العمل بشكل موسع ، وتهانينا للمرأة التي يقع عليها عبء كبير في تغيير سلوكيات الرجل في مجتمعنا ، بداية بالحضانة إلى ميدان العمل . كأم ، ومربية ، وزميلة عمل . أما معشر الشباب ، فالميدان يا حميدان... كما يقول المثل... لإثبات الوجود بالعمل الجاد وكسب العيش الحلال في بلد أنعم الله عليه بخيرات غير محدودة . وكما ورد في الذكر الكريم “وقل اعملوا فسيرى الله عملكم”. _________________ * كاتب بصحيفة "المدينة" السعودية0