أين خارطة الوطن الزراعية؟! د. محمد بن حامد الغامدي * ■بداية.. نذكّر بالمصير الذي كنّا نأمل تجنبه.. كنّا نأمل في وضع أفضل.. كنّا نتوقع تنمية زراعية مستدامة، وفق رؤية علمية، وخارطة زراعية، للوطن بكامله.. التوسع الزراعي الفاحش في محاصيل محددة، قاد إلى نتائج سيئة.. هل هناك أسوأ من جفاف منابع المياه؟!.. هل هناك أسوأ من جفاف المياه الجوفية وهبوط مناسيبها؟!.. ■جنت الزراعة على المياه الجوفية، بفعل اجتهادات وزارتها التي فقدت مؤشر البوصلة الزراعية والمائية للبلاد.. اعتقدنا أن خلف الزراعة والمياه وزارات برجال حريصين على مستقبل الأجيال القادمة، وعلى امن البلد المائي.. أيها الرجال، كيف يتم إخضاع الوطن للاجتهاد؟!.. ■الأمر كان وما زال وسيظل متعلقا بالحياة والموت.. مع خيار الحياة أو الموت، يجب أن تكون حساباتنا دقيقة، واضحة.. بنتائج دقيقة واضحة.. سنظل نردد: لا مجال للأخطاء.. لا مجال للاجتهادات.. الأمر يتعلق بالماء.. يتعلق بحياتنا، وحياة أجيالنا على أرضنا.. ■النضوب عنوان تم تعميمه بواسطة زراعة عشوائية.. نضوب المياه الجوفية في جميع مناطق المملكة، ينبئ بكوارث قادمة.. هل نعيد التاريخ في دول أخرى وبطرق أخرى؟!.. عندها سيكون حساب المستثمر السعودي عسيرا وبغيضا.. ■تصحر الوطن قادم.. أراه أمام عيني، بشواهد مخيفة.. هذه الزراعة المهاجرة، للبحث عن حياة عند الآخرين، إحدى النتائج البغيضة، لسوء التقدير، والتصرف.. ولسياسة الاندفاع، غير المبرر، في زراعة توسعت أكثر مما يجب.. المسئولون في الوزارات المعنية، يتخذون القرارات، ثم لا يحاسبهم عليها أحد، حتى وإن كانت النتائج كارثة.. هل سيستمر الوضع؟!.. هل ستكون هناك كوارث أخرى؟!.. ماذا عن الاستثمار الزراعي الخارجي؟!.. ماذا نتوقع؟!.. ■تجاهلت الوزارات المعنية جميع خطط التنمية.. ضربت بتوصياتها عرض الحائط... كنتيجة، أي شيء نرجوه من هذه الوزارات؟!.. لم يتم حتى مساءلتها، من باب وقف مسارب الاجتهادات على الأقل.. السؤال المهم حاليا: هل سيتم أيضا تجاهل أبعاد رؤية مبادرة الملك عبدالله للاستثمار الزراعي السعودي في الخارج؟!.. ■عدم تطبيق رؤية مبادرة الملك تجاهل بغيض.. هل سيأخذون بكلمة (استثمار)، ويتركون بقية الآفاق العظيمة لهذه المبادرة؟!.. التاريخ لا يعيد نفسه إلا على الأغبياء.. لكننا أمام معضلة وزارات لا ترى إلا جانبا من الصورة.. مصلحة الوطن يجب أن تكون فوق كل المصالح.. ■نعود إلى الحديث عن زراعة الأرز الذي تبناه مستثمرون سعوديين في أثيوبيا.. استثمار ضد المنطق.. ضد العقل.. هل يتفق مع مبادرة الملك؟!.. ■يا للهول.. تجارب زراعة الأرز في بلد فقير يعاني أهله الجوع؟!.. نتساءل بألم، وحرقة، وأيضا هاجس إنساني، هل يحق لنا أن نأكل من ارض لها أصحاب، في حاجة إلى إنتاجها الزراعي من أجل البقاء؟!.. بعضهم يموت جوعا وعطشا وفقرا ومعاناة.. ونحن نمارس عليهم تجارب زراعة الأرز.. ■إليكم آخر الأخبار التي روتها وكالة (رويترز) يوم الجمعة 4-2-1430 الموافق 30-1-2009 توضح الوكالة العالمية، أن حوالي (5) ملايين من سكان أثيوبيا سيحتاجون إلى مساعدات غذائية عاجلة خلال الشهور القادمة من عام 2009.. يقول الخبر إن ذلك بسبب الجفاف.. ■خبر يعطي مؤشرا عن حراك عشوائي يجري بين هؤلاء المستثمرين في أثيوبيا الموطن الأصلي للقمح.. مؤشر يخالف الواقع ويتعارض مع مبادرة خادم الحرمين الشريفين.. نسأل: هل يحق لنا أن نأكل ما نزرعه في ارض هؤلاء الجياع.. هل التجارب عندهم أهم من زراعة القمح؟!.. ■هل وقف المستثمر السعودي على فشل زراعة الأرز في تشاد؟!.. أم أنهم مبهورون باقتناص تسهيلات الدولة في مجال الاستثمار الزراعي الخارجي؟!.. هل سيعيدون نفس التاريخ الداخلي؟!.. يمكن لهؤلاء المستثمرين معرفة النتائج.. جففت زراعة الأرز في تشاد نهرا كاملا كان يمكن تلافي جفافه.. ■زراعة الأرز في أثيوبيا اجتهاد.. نعم اجتهاد.. وهذا يتعارض مع مبادرة الملك عبد الله للاستثمار الزراعي السعودي في الخارج.. مبادرة الملك تهدف إلى المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي الوطني والعالمي.. كما ترون، العامل الإنساني هو المحور المحرك لهذه المبادرة.. ويستمر المقال بعنوان آخر عن محاذير الاستثمار الزراعي في فيتنام. _________________ *كاتب بصحيفة \"المدينة\" السعودية0