منذ أيام قليلة أعلن فوز مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينةالمنورة بجائزة دبي للقرآن الكريم، لتضاف إلى رصيد كبير من الجوائز الدولية التي حصدها المجمع منذ إنشائه قبل ما يقرب من 25 عاماً، وتزين مسيرته المباركة في خدمة القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وهي مسيرة ناجحة بكل المقاييس تجسد جانباً مشرقاً من جوانب عناية المملكة بكتاب الله وجهودها المخلصة لنشره وطباعته وتعليمه وتحفيظه وتدارسه، وهو يعد بحق من حسنات خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله رحمة واسعة. ودلائل نجاح هذا المجمع الرائد في أداء رسالته العظيمة كثيرة تؤكدها الأرقام والإحصاءات الخاصة بعدد نسخ الإصدارات التي قام بطباعتها من المصحف الشريف أو ترجمات معانيه، فضلاً عن التسجيلات الصوتية التي بلغ إجمالي عددها ما يزيد على 240 مليون نسخة من مختلف إصدارات المجمع.. تم توزيعها في كثير من دول العالم.. ووصلت إلى كثير من أبناء الأمة في كل بقاع الأرض.. بأكثر من 50 لغة ولهجة معروفة. أما فصول نجاح المجمع وحصوله على كثير من الجوائز، فبدأت برغبة صادقة ومخلصة من قادة المملكة منذ أن وضع لبناته الأولى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز - رحمه الله - الذي كانت له اليد الطولى في انطلاقة المجمع، ويتابع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام - حفظهما الله - مسيرة المجمع داعمين وموجهين لهذه المسيرة الخيرة المباركة، ويجيء إنشاء هذا الكيان الرائع بهدف طباعة المصحف الشريف وترجمة معانيه.. وتوفير كل ما يلزم ذلك من إمكانات مادية وفنية وتجهيزات وخبرات.. وقد أثمر ذلك عن الانطلاقة القوية للمجمع في أداء رسالته عبر منظومة من أحدث تقنيات الطباعة في العالم التي يتفرد بها عن كثير من المطابع في أكثر الدول تقدماً. وتولت هيئة عليا مسؤولية الإشراف على هذا الصرح المبارك برئاسة معالي الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، ويحسب لهذه الهيئة وضع سياسة علمية راسخة ودقيقة لضمان حسن سير العمل بالمجمع، وقدرته على تحقيق الأهداف المنشودة منه. واكتملت منظومة التفوق بالإدارة الواعية والمؤهلة والحريصة على تعظيم إنجازات المجمع وإسهاماته في خدمة القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة بالأمانة العامة للمجمع، وعلى رأسها الأمين العام الأستاذ الدكتور محمد سالم بن شديد العوفي، الذي قدم ولا يزال - جزاه الله خيراً - كثيراً من الجهد الذي يتضح في تنوع أنشطة المجمع ليس في مجال طباعة المصحف الشريف وترجمات معانيه، بل أيضاً في دعم برامج تحفيظ القرآن الكريم وعلوم السنة المطهرة من خلال عدد كبير في المراكز المتخصصة التي جعلت من المجمع بحق جامعة متكاملة في علوم القرآن الكريم والسنة النبوية والسيرة، ولا شك أن اهتمام إدارة المجمع بالتخصص الدقيق في العمل يعد من أبرز مقومات النجاح فهناك إدارات فنية لتشغيل وصيانة خطوط الإنتاج من الماكينات، وإدارات خاصة بالخامات من الورق والأحبار وغيرها. وإدارة لمراقبة الجودة في جميع مراحل العمل، هذا بخلاف إدارات أخرى تعنى بمراجعة نسخ المصحف الشريف وترجمات معانيه وغيرها من إصدارات المجمع، كذلك إدارات خاصة بالتسجيلات الصوتية التي تتم بالقراءات المشهورة، وبأصوات نخبة رائعة من كبار القراء، وهناك إدارة مستقلة للتدريب والتأهيل مهمتها تنمية خبرات الشباب السعودي وتأهيلهم للعمل في جميع الإدارات السابق ذكرها وقد أمكن عبر هذا التوجه تأهيل وتوظيف مئات الشباب الذين أثبتوا كفاءة عالية، وأصبحوا يشكلون الغالبية العظمى من العاملين بالمجمع، وعبر هذا التكامل والتناغم والتنسيق الإداري والفني، نجح المجمع في أن يوفر احتياجات جميع المدارس والجامعات السعودية من نسخ المصحف الشريف وأجزاء منه، وكذلك احتياجات جميع المساجد والجوامع المنتشرة في ربوع المملكة. ونجح المجمع في إصدار أول نسخة من المصحف الشريف للصم والبكم، وذلك من خلال ترجمة معاني القرآن الكريم إلى لغة الإشارة. ويشرف المجمع أن يقدم كل عام ملايين النسخ من المصحف الشريف وترجمات معانيه للحجاج والمعتمرين من خلال برنامج هدية خادم الحرمين الشريفين لضيوف الرحمن التي تضم مجموعة متكاملة من الإصدارات والتسجيلات الصوتية. وما أكثر الدلائل التي يصعب حصرها على تميز ونجاح مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينةالمنورة، التي جعلته جديراً بالكثير من الجوائز، منها جائزة التصميم الهندسي والمعماري، وجوائز خدمة القرآن والسنة المطهرة، وحتى جوائز تدريب وتأهيل الكوادر السعودية الشابة، لكن تظل الجائزة الحقيقة والشرف العظيم هو ما يقدمه المجمع من دعم لبرامج الدعوة إلى الله ونشر تعاليم الإسلام، من خلال ترجمات معاني القرآن، وكتب السنة إلى مختلف لغات العالم، وتشجيع البحث والدراسة في علوم القرآن الكريم والسنة، حتى بين غير الناطقين بالعربية، وغيرها من الأمور التي أصبح هذا المجمع بها معلماً يحرص كل زوار المدينةالمنورة على زيارته، كما أصبح معها جامعة متكاملة لعلوم القرآن الكريم والسنة المطهرة. *************************** *أحد أبناء منطقة الباحة ، كاتب في صحيفة "الجزيرة" السعودية.