(شرق) بغداد - قد تتجنب خطة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لسحب القوات الأمريكية المقاتلة بحلول 31 أغسطس/آب 2010، إغراق العراق في حالة من الفوضى مجددا، لكن واشنطن ستحتاج إلى استخدام دبلوماسيتها الماهرة لإخماد صراع جديد بين الجماعات العراقية المتنافسة؛ حيث لا تزال أعمال العنف التي تمارسها القاعدة مستمرة في محافظة نينوى، بينما يترقب الأكراد هذا القرار في ظل المخاوف من تصاعد التوتر بين الحكومة المركزية ومنطقة كردستان العراق. وأعلن أوباما الجمعة 27-2-2009 خططا لسحب القوات الأمريكية المقاتلة من العراق، بعد أن يمر 19 شهرا على توليه منصبه، وبهذا يكون قد أوفى بوعده لإنهاء الحرب التي لا تحظى بشعبية تدريجيا، وهي الحرب التي أحدثت انقساما بين الأمريكيين، وأدت إلى أعمال عنف طائفية كادت تمزق العراق. وقال الرئيس الأمريكي إنه سيبقي على قوة كبيرة قوامها بين 35 و50 ألف جندي أمريكي في العراق؛ لتدريب وتزويد القوات العراقية بالمعدات والقيام بعمليات محدودة لمكافحة التمرد. ويجب أن ترحل هذه القوات بحلول نهاية عام 2011 بموجب اتفاق أمني موقع بين الولاياتالمتحدة والعراق. خطوة ضرورية لإعادة الأمور لطبيعتها وقال ديفيد كلاريدج مدير مؤسسة جانوسيان لإدارة المخاطر الأمنية "من المؤكد أنها خطوة ضرورية لإعادة الأمور لطبيعتها في العراق.. ستكون صعبة لكنها ضرورية من أجل استقرار طويل المدى". وأضاف كلاريدج أن جماعات المتشددين؛ مثل جيش المهدي الموالي لرجل الدين الشيعي المناهض للولايات المتحدة مقتدى الصدر ستفقد حماسها، إذ إنها عرفت نفسها على أنها معارضة للاحتلال الذي هو في سبيله للانتهاء الآن. وصرح مازن الساعدي مدير مكتب الصدر بغرب بغداد بأن حركته ستوافق على خطة أوباما ما دام يلزم الولاياتالمتحدة بالانسحاب الكامل بحلول نهاية عام 2011، كما هو وارد في الاتفاق الأمني الذي كان الصدريون قد عارضوه فيما سبق. ويبرز الجدول الزمني للانسحاب نية أوباما تحويل التركيز العسكري الأمريكي إلى أفغانستان من العراق، الذي وصفه بأنه مصدر تشتيت وتقليص حجم حرب كلفت وزارة الخزانة الأمريكية مئات المليارات من الدولارات بالفعل. وقال عبد الكريم خلف المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية إن العراق كان مستعدا قبل أن يعلن أوباما خططه، وأضاف أن قوات البلاد قادرة على مواجهة جميع التحديات، وأنه ليس هناك ما يدعو إلى القلق مع تبقي 19 شهرا. ويتفق محللون مع هذا الرأي بشكل كبير. وقال بول ويلكينسون رئيس مركز دراسة الإرهاب والعنف السياسي بجامعة سانت أندروز "إنه هدف واقعي، وقد تم إحراز تقدم كبير في إعداد الجيش والشرطة. وأظهر سير انتخابات مجالس المحافظات (في 31 يناير/كانون الثاني) إلى أي مدى خفت حدة المشاكل الأمنية". تحذير من "هشاشة" العراق لكن الجنرال راي أوديرنو قائد القوات الأمريكية بالعراق والجنرال ديفيد بتريوس قائد القيادة الأمريكية المركزية التي تشرف على العمليات العسكرية في الشرق الأوسط حذرا من أن العراق ما زال هشا، وأن من الممكن خسارة المكاسب الأمنية التي تحققت على مدار العام المنصرم، إذا انسحبت القوات الأمريكية بسرعة شديدة. ففي محافظة نينوى المضطربة بشمال العراق ما زال تنظيم القاعدة وغيره من الجماعات السنية تمارس القتل والخطف والتفجيرات بمعدلات كبيرة، ويقول محللون إن تصاعد التوتر بين الحكومة المركزية ومنطقة كردستان العراق التي تتمتع بقدر كبير من الحكم الذاتي بشأن النزاع على الأراضي والنفط سيتطلب قوة دبلوماسية أمريكية. ويقول مسؤولون أمريكيون إنهم كثيرا ما لعبوا دور الوسطاء لنزع فتيل التوترات الحادة بين الأكراد والعرب. وأضاف ويلكينسون "أنها المشكلة رقم واحد... بالنظر إلى تأكيد أوباما وهيلاري كلينتون (وزيرة الخارجية الأمريكية) على الدبلوماسية من المؤكد أنه سيكون هناك تشجيع كبير وراء الكواليس لبدء حل هذا. إنها ليست مسألة يمكن أن تنتظر". ويترقب الأكراد الانسحاب الأمريكي بقلق. ترقب كردي وقال جعفر مصطفى وزير شؤون مقاتلي البشمركة بكردستان العراق إن المناطق المتنازع عليها تحتاج إلى طرف ثالث، مضيفا أن مع وضع طريقة تفكير الساسة في الاعتبار فمن الصعوبة بمكان رؤية كيف يمكن حل هذا. لكن توبي دودج خبير شؤون العراق بجامعة لندن يقول إن الحديث عن تأثير الولاياتالمتحدة على الساسة العراقيين كثيرا ما يكون مبالغا فيه. وأضاف أن من المرجح أن تفيد مبادرة للأمم المتحدة بشأن الأراضي المتنازع عليها في حل الصراع بدرجة أكبر من الوساطة الأمريكية.