أثار حظر فرضته محكمة ألمانية على ختان الرضع الذكور استعراضاً نادراً للوحدة بين اليهود والمسلمين والمسيحيين، الذين يرون فيه تهديداً للحرية الدينية، في حين حذر الأطباء من إمكانية أن يزيد المخاطر الصحية بإجبار الناس على إجراء الختان سرًّا. ووعد اجتماع للحاخامين الأوروبيين في برلين أمس الخميس بتحدي الحُكْم الذي أصدرته محكمة في مدينة كولونيا الشهر الماضي. ويعتزم الحاخامون إجراء مزيد من المحادثات مع زعماء المسلمين والمسيحيين في شتوتجارت الأسبوع المقبل بشأن كيفية محاربة الحظر معاً. وقال بنشاس جولدشميت، كبير حاخامي موسكو، السويسري المولد، منظِّم الاجتماع الذي مدته ثلاثة أيام: "نحث الطائفة اليهودية في ألمانيا وممارسي عمليات الختان على الاستمرار في إجرائها وعدم انتظار تغيير القانون". ويقول غولدشميت إن الحظر يشكّل تهديداً لوجود الطائفة اليهودية في ألمانيا ومثالاً جديداً على تحامل القانون الأوروبي ضد غير المسيحيين، بعد حظر بناء المآذن في سويسرا، وحظر ارتداء الحجاب في الأماكن العامة في فرنسا وبلجيكا، ومحاولة فرض حظر على اللحم الحلال في هولندا. وأصدرت محكمة كولونيا الحُكْم بعد إخطار تلقته الشرطة من طبيب كان يعالج صبياً مسلماً من نزيف أصابه بعد أن خضع لعملية ختان، وشدّدت على أنها لا تحظر الختان، ولكنها تريد من الأسر الانتظار حتى يكبر أبناؤها. ولا ينطبق الحظر حتى الآن إلا على المنطقة الخاضعة لنطاق اختصاص محكمة كولونيا. وفي بلد يتسم بالحساسية إزاء اتهامات التعصب والتمييز، ولاسيما ضد اليهود؛ بسبب محرقة النازي في الحرب العالمية الثانية، انتقد العديد من الساسة، بمن فيهم وزير الخارجية، الحُكْم. ويعيش في ألمانيا نحو 120 ألف يهودي وأربعة ملايين مسلم، وكثير من المسلمين هناك تعود أصولهم إلى تركيا، التي أدانت الحُكْم أيضاً الشهر الماضي. ويحشد الحاخامون أعضاء في البرلمانَيْن الألماني والأوروبي لإصدار تشريع يمنع فرض مثل هذا الحظر في أجزاء أخرى من ألمانيا وأوروبا، ويمكن أن يحدث ذلك عبر إصدار قانون يستثني الأقليات الدينية، على غرار القانون الذي يسمح باللحوم الحلال التي تُعدّ وفقاً للشريعة الإسلامة والكوشير الذي يُعدّ وفقاً للشريعة اليهودية. واجتمع زعماء دينيون يهود ومسلمون مع مسؤولين في البرلمان الأوروبي في بروكسل هذا الأسبوع للشكوى مما اعتبروه "إهانة لحقوقنا الأساسية الدينية والإنسانية". ووعد حزب الخضر المعارض في ألمانيا أمس الخميس بالمساعدة في إصدار التشريعات التي من شأنها ترسيخ الحريات الدينية لليهود والمسلمين. وعادة ما يقوم اليهود بختان الأطفال الذكور بعد ثمانية أيام من الولادة، في حين يختلف وقت ختان الأطفال المسلمين وفقاً لأمور، من بينها الدولة التي ينتمون إليها. وقال جولدشميت في مؤتمر صحفي: "الختان يمثل أساس الانتماء إلى الطائفة اليهودية. إنها ممارسة تعود إلى 4000 سنة، ولا يمكن تغييرها". وقال رئيس رابطة الأطباء الألمانية فرانك أولريخ مونتجمري إن هذا الحظر يعني "زيادة خطر إجراء هذه العملية (الختان) على أيدي أشخاص عاديين، وقد يترتب على ذلك مضاعفات خطيرة بسبب عدم توافر شروط النظافة الصحية". وتستشهد منظمة الصحة العالمية بأبحاث تظهر أن ختان الذكور يمكن أن يقلل خطر الإصابة بمرض نقص المناعة المكتسبة "الإيدز". وقد خضع 44 عضواً في برلمان زيمبابوي لعمليات ختان في يونيو لزيادة الوعي بمرض الإيدز.