كتب الصحفي البريطاني المتخصص في شؤون الشرق الأوسط روبرت فيسك مقالا يستعرض فيه إصرار الغرب على تجاهل ما وصفه بأعمال العنف التي كان يقوم بها نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك. فيقول -في مستهل مقاله بصحيفة ذي إندبندنت- إن مبارك الذي حكم عليه أمس بالسجن المؤبد سيموت لا محالة في السجن، ولكن الفضل في ذلك كله لا يعود إلى الغرب الذي طالما كان يعتبره الرئيس المعتدل في المنطقة والصديق المقرب منه. وقال إن الحكم على مبارك لم يأت على خلفية الأحكام المؤبدة التي كان يصدرها في المحاكم العسكرية في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، مشيرا إلى أن أحدا لا يستطيع أن يتساءل عنها الآن لأن الجيش ما زال في السلطة، ولا سيما أن قائده محمد حسين طنطاوي لم يشر أبدا إلى أن تلك المحاكمات كانت ظالمة. فالرئيس المصري المخلوع كان يكافح "الإرهاب" باسم الغرب، ويتساءل فيسك قائلا: ألم يحتضن مبارك معتقلين سلمهم له الرئيس الأميركي السابق جورج بوش لتعذيبهم باسم واشنطن؟ ألم تحذو دمشق الأسد حذوه أيضا؟ ويستذكر كذلك كيف ناشد سفراء أميركيون مبارك كي توقف عناصره من الشرطة تعذيب سجنائهم، حتى أن أحد السفراء أبلغ الرئيس بأن السجناء يتعرضون للاغتصاب الجماعي خارج القاهرة، منهم "النساء"، و"المتطرفون الإسلاميون"، ولكن مبارك لم يُعاقب على كل هذا. ويسخر قائلا: نعم، "المعتدلون" من العرب كانوا دائما على استعداد لمساعدتنا (الغرب)، أليس كذلك؟ ويرى فيسك أن الحكم الذي صدر على مبارك لم يتعلق بمن قتلوا في مخافر الشرطة في عهد مبارك وأثناء الانتفاضات الإسلامية، ولا بمن قتلوا في سجون سلفه أنور السادات، بل فقط بمن سقطوا في الثورة التي أطاحت به. ويسترشد الكاتب بما تحدثت عنه كثيرا منظمات حقوق الإنسان والعفو الدولية ودبلوماسيين عن عمليات قتل خارج القضاء على أيدي رجال الشرطة في جنوبي مصر وخاصة في أسيوط، وعن الفساد في أروقة السلطة. ويمضي قائلا إن الثورات عادة لا تحمل نهايات سعيدة، ولكن الثورة المصرية ضد مبارك كانت أكثر القصص سعادة يكتب فيها، ويقول إن العرب بالملايين أسقطوا دكتاتورا، و"لكنني أخشى أنه إذا ما ذهب الدكتاتور، تعيش الدكتاتورية، ولا سيما أن الجيش هو الذي يدير مصر اليوم، ونحن في الغرب -وكذللك واشنطن- نعشق الجيوش".