قتل صحافيان غربيان، أمريكية وفرنسي، و13 مدنياً سورياً، الأربعاء، في القصف العنيف المستمر من قوات النظام على مدينة حمص، أبرز معاقل الاحتجاج ضد النظام السوري، في وقت استنفر المجتمع الدولي في محاولة لتأمين مساعدات إنسانية ملحة إلى سوريا. وأعلنت الحكومة الفرنسية مقتل الصحافية الأمريكية ماري كولفن (50 عاما) والمصور الفرنسي ريمي أوشليك (28 عاما). وأوضح ناشطون مناهضون للنظام في بابا عمرو أن الصحافيين قتلا وأصيب ثلاثة صحافيين أجانب آخرين على الأقل في قصف طال منزلا حوله ناشطون مناهضون للنظام السوري إلى مركز إعلامي في حي بابا عمرو في حمص، التي تتعرض أحياء فيها للحصار والقصف من قوات النظام منذ الرابع من شباط/فبراير. وكولفن مراسلة كبيرة لصحيفة "صنداي تايمز" البريطانية، وقد عرفت بتغطيتها للأحداث في مناطق عدة من العالم تشهد نزاعات، وقد نالت جائزة أفضل مراسلة في الخارج للعام 2010 في بريطانيا. وريمي مصور لوكالة آي بي 3 برس ومقرها باريس، وقد غطى الكثير من الأحداث في باريس والنزاعات في العالم، ونشرت الصور التي التقطها في مجلتي باري ماتش وتايم وصحيفة وول ستريت جورنال، وقد نال جائزة وورلد برس 2012 عن تغطيته لأحداث ليبيا. ومنذ تطور الأحداث في حمص، التي تحولت إلى أبرز معاقل الاحتجاج ضد نظام الرئيس بشار الأسد، دخل عدد كبير من الصحافيين الأجانب إلى المدينة بطريقة غير شرعية، في ظل القيود التي تفرضها السلطات على الإعلاميين. وأعلنت السلطات السورية الأربعاء أن لا علم لها بوجود أوشليك وكولفن على أراضيها، وقال وزير الإعلام عدنان محمود لوكالة فرانس برس: "ليس لدى السلطات أي علم بدخول الصحافي ريمي أوشليك والصحافية ماري كولفن أو وجودهما على الأراضي السورية. وطلبنا من السلطات المختصة في حمص البحث عن مكان وجودهما ومتابعة الموضوع". وأضاف أن "الوزارة تطلب من جميع الإعلاميين الأجانب الذين دخلوا إلى سوريا بطريقة غير شرعية مراجعة أقرب مركز للهجرة والجوازات لتسوية أوضاعهم وفق القوانين المرعية". في غضون ذلك، طالبت باريس بإمكانية "الوصول الآمن" لإسعاف الجرحى الموجودين في حمص. وطلب وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه "من الحكومة السورية الوقف الفوري للهجمات واحترام الالتزامات الإنسانية المتوجبة عليه". وأضاف: "طلبت من سفارتنا في دمشق أن تطلب من السلطات السورية ضمان ممر آمن لإسعاف الضحايا بدعم من اللجنة الدولية للصليب الأحمر". واعتبر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن مقتل الصحافيين يثبت أن "على هذا النظام التنحي". وقال: "هذا يكفي الآن، على هذا النظام التنحي وليس هناك أي سبب لكي لا يحظى السوريون بحق عيش حياتهم واختيار مصيرهم بحرية". من جانبها، نددت واشنطن بمقتل الصحافيين. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند إن "هذا الحادث المأساوي يشكل نموذجا جديدا على الوحشية الوقحة لنظام الأسد". وقالت وزارة الخارجية الروسية إن "موسكو تدين بقوة وهي قلقة جدا" بعد مقتل الصحافيين الغربيين، معتبرة أن هذا "الحدث المأساوي يؤكد مرة جديدة ضرورة قيام كل أطراف النزاع السوري بوقف العنف". وبلغ عدد الصحافيين الغربيين الذين قتلوا في سوريا منذ بدء الاضطرابات في منتصف آذار/مارس الماضي ثلاثة. وقتل في 11 كانون الثاني/يناير الصحافي الفرنسي جيل جاكييه في قذيفة خلال زيارته برفقة مجموعة من الصحافيين الأجانب حمص في رحلة منظمة من السلطات. ولم يعرف مصدر القذيفة. وقتل في القصف على بابا عمرو اليوم أيضا 13 مدنيا سوريا، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يزود وسائل الإعلام ببيانات متتالية عن أحداث سوريا. وأفاد المرصد في اتصال مع وكالة "فرانس برس" أن أكثر من 7500 شخص قتلوا منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية في سوريا، معظمهم من المدنيين. وأوضح مدير المرصد رامي عبدالرحمن أن "بين القتلى 5542 مدنيا و2029 عنصرا من الأمن والجيش، منهم أكثر من 400 منشق". وشهدت الساعات الأخيرة استنفارا دوليا بهدف إيصال مساعدات إنسانية إلى المناطق السورية التي تعاني نقصا في المواد الغذائية والطبية، خصوصا إلى حمص، لا سيما بعد دعوة اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي إلى هدنة يومية من ساعتين في سوريا لإيصال المساعدات إلى المحتاجين، ودعوة الأممالمتحدة إلى السماح بوصول المساعدات من دون عوائق. وأعلن الناطق باسم وزارة الخارجية الروسية الأربعاء دعم روسيا لنداء اللجنة الدولية للصليب الأحمر من أجل هدنة يومية. إلا أن موسكو رفضت الاقتراح الفرنسي بإقامة "ممرات إنسانية" في سوريا. وقال نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف "يرجح ألا يكون لإقامة هذه الممرات الإنسانية أية فعالية. ولن يكون من شأن ذلك سوى تفاقم النزاع والذهاب إلى مواجهات عسكرية خطيرة". وطالب المجلس الوطني السوري، أبرز هيئة للمعارضة السورية، الأربعاء، المجموعة الدولية بإقامة "مناطق آمنة" في البلاد، مشيرا إلى أن التدخل العسكري ربما يكون "الخيار الوحيد" لإنهاء حملة القمع التي يقوم بها النظام السوري. وأعلن المجلس الوطني أنه سيتقدم بمطلب إقامة "مناطق آمنة" في مؤتمر أصدقاء سوريا الذي ستشارك فيه المعارضة. وسيشارك في المؤتمر ممثلو أكثر من خمسين دولة، مع غياب بارز لروسيا.