لم تكن السياحة في يوم من الأيام نشاطاً ذكورياً فحسب، ولكنها نشاط أنثوي أيضًا، حيث كانت المرأة وما زالت تشارك الرجل في هذا النشاط منذ أقدم العصور وحتى الآن، سواء من حيث ممارسته أو التخطيط له في كافة المجتمعات. وفي المجتمع السعودي أصبحت المرأة اليوم أكثر تفاعلاً مع السياحة وقضاياها نتيجة التحاقها بالتعليم وارتفاع مستوى وعيها بأهمية مشاركتها في النشاط السياحي، ممارسة وتخطيطًا، بالإضافة إلى التحاقها بالعمل مدفوع الأجر الذي منحها فرصاً أكبر للمشاركة في صناعة القرارات السياحية سواء على مستوى الأسرة أو على مستوى المجتمع. ولكن بالرغم من تنامي مشاركة المرأة السعودية في النشاط السياحي في السنوات الأخيرة، حيث يلاحظ أنها أصبحت شريكاً أساسياً في اتخاذ القرارات السياحية، بالإضافة إلى ممارستها للنشاط السياحي سواء بمفردها أو بصحبة أسرتها، وسواء في داخل المملكة أو في خارجها، إلا أن هناك بعض القضايا المرتبطة بالسلوك السياحي للمرأة السعودية التي تحتاج إلى فهم علمي يزيل الغموض عنها، من أجل تمكين المرأة للإسهام بشكل فعال في التنمية السياحية لرفد الاقتصاد المحلي والمساندة في القضاء على البطالة والفقر ونشر مفهوم الثقافة الدينية بين نساء المجتمعات الأخرى والتعريف بآثار وتراث الدولة. السياحة تفتح الأبواب أمام المرأة لنشر الثقافة ودور المرأة وعلاقتها بالنشاط السياحي يعتبر محوراً مهما من المحاور التي ينبغي تسليط الضوء عليها وخاصة عند الحديث عن صناعة السياحة في السعودية فعلى الرغم من أن هناك الكثير من المفاهيم الخاطئة حول مفهوم السياحة وخاصة إثر بعض وسائل الإعلام والإعلان والدعاية حول نقل الصورة السلبية للسياحة وسيادتها لدى الكثيرين، ولكن لابد من إظهار الحقيقة ألا وهى أن السياحة تعتبر مصدرا من مصادر الدخل الرئيسي للكثير من الدول سواء كانت إسلامية عربية أم غير ذلك . دور المرأة في النهوض بالسياحة عندما نقيس الواقع نجد أن دور المرأة في السياحة لهو ركيزة أساسية في نشر الكثير من حضارة الأمم وثقافتها وسيكون لها دور نحو نشر مفهوم جديدة وهو السياحة الدينية فالسعودية تتمتع بمكانة دينية تجعل جميع الأمم تقصدها وتحترمها، فمكة والمدينة والأماكن المقدسة ومدائن صالح والأماكن الخلابة في كل من مصائف المملكة سواء الطائف أو أبها وغيرها من المدن الأخرى، إضافة إلى الحرف اليدوية والمصنوعات التراثية تجعلها مقصد كل إنسان فلماذا لا يتم نشر مفهوم السياحة الدينية ويكون للمرأة نصيب الأسد. فعلى سبيل المثال، يمكن للمرأة أن تلعب دور المرشد السياحي للفرق النسائية القادمة من الخارج بل ويمكنها أيضاً من إلقاء المحاضرات والندوات حول السياحة الدينية واستقبال الوفود النسائية من خارج الدولة وتعريفهن بالأماكن المقدسة وبالحرفة اليدوية والمصنوعات التراثية التي تشتهر بها السعودية. ومن أجل فهم دقيق لقضية عمل المرأة بالسياحة تمت عمل دراسة على عينة بلغت 400 طالبة من طالبات المستوى الأخير في جامعات المملكة لمعرفة تفضيلاتهن السياحية وتبين من نتائج الدراسة ما يلي: أولا: أن غالبية مفردات العينة سبق لهن السياحة في الخارج بنسبة بلغت 71.2%، أما اللاتي لم تسبق لهن السياحة في الخارج فبلغت نسبتهن 28.5% من إجمالي العينة. هذا ولم تبين إحدى الطالبات بنسبة 0.3% ما إذا كان قد سبق لها السياحة في الخارج أم لا. ثانيا: أن أكثر من نصف مفردات العينة يفضلن السياحة الخارجية بنسبة بلغت 50.6%، أما من يفضلن السياحة الداخلية فقد بلغت نسبتهن 18.3% فقط. وبالنسبة لمن لا يجدن فرقا بين السياحة في الداخل أو في الخارج فقد بلغت نسبتهن 30.8%. ثالثا: أن الأماكن المفضلة للسياحة الداخلية هي الأماكن المقدسة وجاءت في المرتبة الأولى من حيث تفضيل الطالبات الجامعيات بنسبة 11.1%، ثم الأماكن السياحة الأخرى بنسبة 9.8%، وأخيرا مكان الإقامة بنسبة 6.7%. رابعا: بالنسبة للدول المفضلة للسياحة الخارجية جاءت الدول الأوروبية في المرتبة الأولى من حيث تفضيل الطالبات الجامعيات بنسبة بلغت 20.3%، ثم الدول العربية بنسبة بلغت 14.9%، فالدول الإسلامية غير العربية بنسبة بلغت 12.35%، ثم الولاياتالمتحدةالأمريكية بنسبة بلغت 5.9%، تليها الدول الخليجية بنسبة بلغت 2.1%، وأخيراً الدول الآسيوية غير الإسلامية بنسبة بلغت 1% من إجمالي العينة. خامسا: بخصوص اتجاهات الطالبات الجامعيات نحو عمل المرأة في المجال السياحي تبين أن غالبية مفردات العينة يرفضن عمل المرأة في السياحة بنسبة بلغت 64.3%، أما المؤيدات لعمل المرأة في هذا المجال فبلغت نسبتهن 35.2% فقط من إجمالي العينة. والنتائج أعلاه تكشف أن المرأة السعودية تفضل السياحة الخارجية على السياحة الداخلية، وهو الأمر الذي يجب على صناع السياحة لدينا الكشف عن أسبابه. فإذا كانت المرأة السعودية أكثر تفضيلا للسياحة الخارجية فكيف هو الحال إذن مع الرجل السعودي؟ وقد بلغت عدد الوكالات السياحية المسجلة بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض عام 2007ما يقارب 126وكالة سياحية. ووفقاً لهذا التوجه فقد كانت الحاجة ملحة لوجود عناصر نسائية لسد الاحتياج في الأيدي النسائية العاملة في هذا المجال مراعاة لخصوصية المرأة السعودية وتلبية لرغباتها في تأمين احتياجاتها بنفسها. واحتواء العديد من العاطلات من خريجات التعليم العام أو الجامعي. وعلى صعيد ذي صلة، قررت الهيئة العليا للسياحة والآثار عقد 6 ورش عمل خاصة بالسيدات انبثقت عن برنامج (السياحة تُثري) في منطقة القصيم ومحافظة المجمعة التابعة لمنطقة الرياض، وذلك بمشاركة العديد من شرائح المجتمع من أعيان ومسئولي المنطقة، وشيوخ القبائل، وملاك الفنادق، وأعضاء المجلس البلدي وعدد من المهتمين في القطاع السياحي. وتهدف ورش العمل إلى تهيئة المجتمع المحلي بجميع أطيافه لفهم وقبول ثقافة السياحة، وتعميق مفاهيم التربية السياحية لدى أفراد المجتمع بما يمكنهم من تطبيق وممارسة سلوكيات السياحة الإيجابية، والهيئة العليا للسياحة هي هيئة رسمية صدر قرار ملكي بإنشائها قبل 8 سنوات بهدف تفعيل السياحة الداخلية. ويأتي دخول المرأة السعودية سوق العمل السياحية وسط تنامي الجدل بالمملكة حول جواز الاختلاط بين الرجال والنساء، خاصة بعد ظهور تصريحات عن الشيخ عبد المحسن العبيكان قال فيها إنه لا يوجد بالشريعة الإسلامية ما يمنع ممارسة المرأة لأي عمل، ما دامت لا توجد خلوة مع أجنبي، مشيرا إلى "عدم وجود نص شرعي يحرم الاختلاط في أماكن العمل". وقد أكد مدير تطوير الموارد البشرية بالهيئة العليا للسياحة الدكتور عبد الله الشويل إنهاء 159 فتاة سعودية البرنامج التدريبي الذي نظمته الهيئة، مشيراً إلى أنه من المقرر تعيينهن في مكاتب سفر وسياحة في جميع أنحاء المملكة لمزاولة العمل السياحي، وأوضح أن المتدربات يمثلن الدفعة الأولى من المقرر عملهن بسوق السياحة، مشيرا إلى أن 79 فتاة أخرى يخضعن حاليًّا لبرامج تدريبية مماثلة يمثلن الدفعة الثانية. وشدد الشويل على أن المرأة السعودية مؤهلة للعمل في مجال السياحة، مشيراً إلى وجود المزيد من الخطط والبرامج التأهيلية الخاصة بالنساء لدى الهيئة العليا للسياحة ستنفذ بنهاية العام الحالي، وعن طبيعة عمل المرأة السعودية في السياحة، قال الشويل إنه سيتمثل في أعمال السفريات والحجوزات، وبين أن هناك وسيلتين لهذا العمل، إحداهما تتمّ من خلال المنزل كحجز التذاكر والبرامج السياحية بواسطة شبكة الإنترنت، موضحًا أن الوسيلة الأخرى تتم عبر أقسام نسائية في مكاتب السياحة للحجز عبر الهاتف. وتقول رانيا حجازي مديرة القسم النسائي لشركة نادي السفر العالمي للسفر والسياحة للرياض، بحكم خبرتي في هذا المجال أرى المرأة السعودية قادرة على شغل أي مكان تنتمي له فإنني استقطب الفتاة السعودية المناسبة من عدة نواحي مثل إلمامها باللغة الانجليزية وحسن المظهر ومستوى مقبول من القدرة على التواصل مع العلاقات، ثم تدخل بعد ذلك في دورات لعدة أسابيع حتى تصبح على إلمام اكبر بمهامها حتى تنطلق في مجال العمل في شركات عالمية تخدم المرأة السعودية بصدق وخصوصية . ومن جانبها، قالت الجوهرة الحارثي مشرفة القسم النسائي في مجموعة الطيار للسفر والسياحة، إن عمل المرأة في القطاع السياحي يجب أن يكون مجالاً معيناً ومحدداً بما يتناسب مع طبيعتها، مبينة أن دخول المرأة في القطاع السياحي دليل على كفاءة المرأة السعودية العاملة . وأشارت إلى أنه يوجد هناك إقبال جيد في العمل السياحي، مؤكدة أنه قطاع ممتع ويعمل على فتح آفاق جديدة، ويوسع مدارك الفكر، وهناك جهود لزيادة العمل السياحي في المملكة وبخاصة مع الجهود المبذولة من قبل الهيئة العامة للآثار والسياحة خلال الفترة الحالية لتشجيع السياحة الداخلية، كما أن هناك برامج لتأهيل الفتيات للعمل في هذا المجال ما يساعد على فتح مجالات أكبر في قطاع السياحة. جبل الرماة فى المدينةالمنورة اشهر المعالم وعلى الصعيد ذاته، طالبت سيدات أعمال سعوديات بفتح الأبواب المغلقة أمامهن، وإعادة النظر في اللوائح والأنظمة التي تتعلق بتجارة المرأة واستثماراته، وأشرن إلى أن رؤوس الأموال الضخمة لسيدات الأعمال السعوديات تقف أمامها عقبات كبيرة منها، عقبات نظامية ولوائح ومعوقات لا حدود لها أدت إلى تجميد الأموال السعودية النسائية في البنوك، أو هجرة أموالهن إلى الخارج. تقول خلود الحارثي خريجة تربية فنية وتعمل في مجال الحجوزات: "أن العمل في خدمة العملاء أكسبني قدرة على التعامل مع جميع الفئات، واكتشاف مقدرتي على امتصاص غضبهم ومحاولة تلبية رغبتهم، رغم ذلك فطبيعة العمل روتينية لا جديد فيها سوى جدولة الرحلات المتجددة". وتجد أسماء الهوساوي دبلوم بعد الثانوي، أن تعاون الإدارة محدود في مواجهة المشاكل مع العملاء "نحن نواجهها لوحدنا ونقوم على حلها بطريقتنا، وكذلك نعاني من طول فترات الالرجل. مدار الأسبوع"، وتضيف: "أن طبيعة العمل ممتعة لكن نجد صعوبة نوعاً ما في تقبل المجتمع لنا كبنات خدمة عملاء في الحجوزات، مما يوقعنا في المواقف المضحكة، وأذكر منها أن أحدهم بدأ يبارك لي في افتتاح الشركة وقيادتنا للطائرات في السماء وأضاف عقبال قيادتكن للسيارات على الأرض". وتتحدث هلا السهلي دبلوم بعد الثانوي، أن هذا المجال مفتوح للفتيات السعوديات وإثبات جدارتهن فيه، مع الصبر حتى يتقبله المجتمع لأنه مجال جديد عليه، وتقول:"أنه أضاف لي القدرة على التعامل مع جميع الفئات، والتخلص من الجوانب السلبية في شخصيتي". وتتحدث جواهر العصيمي خريجة إدارة عامة عن تجربتها: "في البداية قدمت عليهم ولم أدر ما هي الوظيفة، وبعد المقابلة شرحوا لي طبيعة العمل خدمة عملاء بالهاتف في شركة طيران، ووافقت عليها هرباً من البطالة، ومرت فترة التدريب بسلام والتعامل مع النظام كان سهل وممتع، لكن مع بداية استقبال الاتصالات والتعامل مع الجمهور، بدأت تظهر المفارقات العجيبة، حيث تواجهنا صعوبة في إدخال بيانات المسافرين بالعربي والنظام باللغة الإنجليزية، وكذلك في تعامل بعض العملاء مع البنات بسوء أدب والبعض يستخدم لهجة آمرة". وتضيف: "من الصعوبات التي تواجهنا الإدارة الأجنبية التي تفضل الأجنبيات علينا، ولا تقدر عملنا كسعوديات، وعند أدنى اعتراض يقولون غيركن كثيرات يتمنين مكانكن، مما يجعلني أبحث عن أي فرصة وظيفية أفضل لأقدم استقالتي". وتقول إلهام الوعلان خريجة إدارة أعمال، عن أول تجربة لها في مجال العمل: "كنت من البداية متحمسة للعمل، لأنه لأول مرة يكون للمرأة فرصة للعمل فيه، وإن كان بعض المتصلين يتنبئون بفشل الشركة لتوظيفها بنات سعوديات، ويواجهنا البعض غير متقبل لعمل المرأة في هذا المجال"، وتضيف: "وقد صُقلت خبرتي في التعامل مع الجمهور وامتصاص غضبهم والمبادرة بردة الفعل المباشرة والمناسبة في نفس الوقت". وترى أريج الأحمد: أن العمل في وكالات السفر والسياحة مناسب جداً إذا كان ذي مردود مادي مغري فهي تحمل شهادة جامعية ولديها دورات حاسب آلي، وتعتقد أريج أن هذه الأماكن سيكون لها سقف رواتب عالية ومزايا جيدة . وتشاركها الرأي أختها هدى فتقول: اعتقد أن العمل في هذا المجال يوفر الخصوصية المناسبة للفتاة السعودية فهو يعطي المرأة فرصة لقضاء احتياجاتها المتعلقة بالسفر بعيدا عن الرجل . أما وداد السعيد (جامعية) فتقول: أعتقد أن العمل في هذا المجال يفتح للمرأة أفقاً أوسع وخيارات متعددة أكثر من الموجودة في السوق الحالي بشرط أن تكون أوقات العمل مناسبة للمرأة وتراعي ظروفها الأسرية. وترى عالية السعدون وهي تحمل الشهادة الثانوية ولديها دورات في الحاسب الآلي واللغة الإنجليزية أنها مستعدة للعمل في هذا المجال بشرط أن يكون هنالك فرص تدريب تصقل مواهبها حتى لا تصبح بطالة مقنعة ! فهي تعتقد أن العمل في هذا المجال سيوفر فرصا أكبر وأوسع للسعوديات. وأما لمياء الريس خريجة ثانوي فتقول: أعتقد أن هذا النوع من الوظائف عادة ما يكون شبه غريب وغير مألوف من قبل المجتمع ولكن ما يلبث إلا قليلا ويكون مألوفاً لدى الناس وتتهافت علية الفتيات من كل صوب فهو مجال جديد وذو خصوصية ويمتص الفراغ الموجود لدى العاطلات . أما العنود العتيبي موظفة سابقة في أحد المدارس الأهلية فتقول إنني أستبشر كثيرا بهذا الرافد من روافد العمل النسوي وأتوقع له قبولا واسعا فهو سيعطى سوقا حيا للتنافس في القطاع الخاص لتوفير مزايا وخدمات أفضل لاستقطاب الفتيات السعوديات العاملات في هذا القطاع .