ما أن أعلن الثوار استعادتهم السيطرة على مدينتي أجدابيا والبريقة ، إلا وتلقى الزعيم الليبي معمر القذافي صفعة جديدة قد تكون بداية النهاية على طريق الإسراع بإسقاط نظامه والمقصود هنا "إيمان العبيدي" . ففي 26 مارس ، خرجت إيمان العبيدي على الملأ لتكشف المستور حول الجرائم التي ارتكبتها قوات القذافي وخاصة فيما يتعلق باغتصاب النساء . وبدأت القصة عندما دخلت امرأة ليبية فندقا في طرابلس ممتلئا بالصحفيين الأجانب لإظهار كدمات وندوب قالت إنها أصيبت بها على يد ميليشيات تابعة للقذافي. وقالت المرأة وتدعى إيمان العبيدي إنها اعتقلت عند نقطة تفتيش في طرابلس لأنها من مدينة بنغازي التي تعد معقلا للثوار المناهضين لحكم القذافي. وكشفت وهي في حالة بكاء هيستيرية أنها تعرضت للاغتصاب من قبل 15 رجلا واحتجزت لمدة يومين في نقطة التفتيش . وبينما حاول موظفو الفندق ورجال أمن في ملابس مدنية دفعها وتخويفها ، سارعت إيمان العبيدي للتحرك من طاولة إلى أخرى في مطعم الفندق للهروب منهم وحينئذ ظهر فخذها الأيمن وكان مخضبا بالدم ، هذا بالإضافة إلى الكدمات الشديدة التي ظهرت على وجهها . ورغم محاولة عدد من الصحفيين حمايتها ، إلا أن حراس الأمن تشاجروا معهم ودفعوا بها في سيارة انطلقت بعيدا قبل أن تكشف ما إذا كانت قد هربت أو أطلق سراحها. تحرير مصراتة إيمان العبيدي وهي تروي مأساتها وبصفة عامة وإلى حين يتم تحديد مصيرها بعد اختطافها من الفندق ، فإن ظهور إيمان العبيدي جاء بمثابة صفعة قوية جدا للقذافي ليس فقط لأنها أول شاهدة عيان على جرائم الاغتصاب التي ارتكبتها قواته وإنما لأن قصتها المأساوية ستدفع الثوار للتحرك على وجه السرعة لتحرير بقية المدن الليبية من قبضته ، كما أنها قد تثير غضب حتى المؤيدين له وتشجعهم على الانقلاب ضده . ولعل التصريحات التي أدلى بها عبد الفتاح أحمد وهو ناشط سياسي من مصراتة لقناة "الجزيرة" مساء السبت الموافق 26 مارس حول مأساة إيمان العبيدي تؤكد أن أول رد عملي على جريمة نظام القذافي ضدها سيكون هو تحرير مصراتة لتنضم إلى أجدابيا والبريقة . وكان عبد الفتاح أحمد شدد على أن الشعب الليبي لن يترك الجريمة التي تعرضت لها إيمان العبيدي دون عقاب وسينتقم لها على الفور من القذافي . ويبدو أن الشهادات حول المجازر التي ارتكبتها قوات القذافي في مدينة مصراتة التي تقع غربي ليبيا ترجح أيضا أن تحريرها بات قاب قوسين أو أدني . فقد روى بعض سكان مصراتة والمناطق المجاورة لها وقائع فظيعة ارتكبتها كتائب القذافي ضد المدنيين وأكدوا أن ما شاهدوه جعلهم يشعرون أنهم ليسوا في ليبيا ذلك أن معظم الجنود كانوا غير ليبيين ، هذا فيما شدد شاهد العيان مختار قلوص وعضو اللجنة الإعلامية لشباب ثورة 17 فبراير سعدون المصراتي على أن كتائب القذافي استخدمت الأهالي هناك كدروع بشرية ، كما كشفت مصادر طبية أن عدد القتلى المدنيين خلال القصف الذي نفذته كتائب القذافي على المدينة منذ 19 مارس بلغ 115. دفعة معنوية وأمام ما سبق ، لم يكن مستغربا أن تركز طائرات التحالف الدولي على قصف قوات القذافي في المدينة بعد ساعات من تحرير أجدابيا والبريقة . ورغم أن البعض قد يجادل بأن الثوار كانوا سيطروا على تلك المدن قبل أسابيع وسرعان ما تراجعوا أمام مجازر قوات القذافي ، إلا أن الأمر الذي يجمع عليه كثيرون أن أيام القذافي في السلطة باتت معدودة خاصة بعد الدفعة المعنوية القوية التي تلقاها الثوار على إثر فرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا وما تبعها من غارات مكثفة للتحالف الدولي على قوات القذافي . ولعل التوقيت الزمني الذي تم خلاله تحرير مدينتي أجدابيا والبريقة يرجح صحة ما سبق ، فقد سيطر الثوار بالكامل على مدينة البريقة شرقي ليبيا في 26 مارس وذلك بعد ساعات قليلة فقط من سيطرة الثوار على مدينة أجدابيا القريبة. وسهلت قوات التحالف التي شنت غارات عنيفة على كتائب القذافي عند المدخلين الشرقي والغربي لأجدابيا المهمة على الثوار مما جعلهم أكثر تنظيما من ذي قبل واستطاعوا القيام بما وصف بمحاولات التفافية ضد قوات القذافي وسرعان ما حرروا البريقة التي تبعد ثمانين كلم عن أجدابيا. وبالنظر إلى أن أجدابيا تعتبر مدينة إستراتيجية في المعركة مع كتائب القذافي بوصفها بوابة لمدن ساحلية مهمة لاسيما العقيلة ورأس لانوف وسرت ، فقد رجح كثيرون أن الساعات المقبلة ستحمل مفاجآت غير سارة للقذافي .