كشفت مصادر داخل وزارة العمل السعودية للعربية.نت عن توجه الوزارة لتحديد حد أدنى للأجور في القطاع الخاص، معتبرة أن هذا الأمر بات من الأمور المهمة.. وأن هناك دراسات ستجري لتحديد قيمة هذا الحد. وتتفق هذه التأكيدات مع تصريحات سابقة لوزير العمل السعودي عادل فقيه ألمح فيها أن وزارته تطمح إلى توفير 3 ملايين وظيفة في سوق العمل بالسعودية ذات رواتب مرتفعة، وأنها تسعى لأن يكون الحد الأدنى للراتب 4 آلاف ريال، كاشفا إلى أن معدل البطالة في المملكة بلغ 10% خلال العام الماضي 2010. حد أدنى للأجر وقال في كلمة سابقة أمام منتدى التنافسية الدولي أن هناك تحدياً كبيراً يتمثل في أن عدد العاملين والمهيئين حالياً لسوق العمل يبلغ 4.5 ملايين، وفي عام 2030 من المتوقع أن يصل عدد العاملين إلى 10 ملايين عامل، وبالتالي سيكون هناك تحديان: الأول يتمثل بالزيادة الكبيرة في عدد السكان، إضافة إلى الأعداد المتزايدة في سوق العمل. وأشار إلى أنه يجب أخذ الخطوات اللازمة لمواجهة تحديات سوق العمل، لأنه من المتوقع انخفاض الرواتب في القطاع الخاص في ظل وجود ما يقارب من 10 ملايين مقيم "غير سعودي" يعملون في المملكة. وقال إنه "يجب السعي لتغيير نموذج التوظيف بالرفع من مستوى الأجور للوظائف ذات رواتب ال(1500 ريال)، وزيادة طبيعة الاستثمارات التي تولّد وظائف بديلة ذات أجر أعلى، وتولد في نفس الوقت وظائف للسعوديين". وشدد إلى أنه للتأكد من زيادة الرواتب "لا بد من تطوير كفاءة الموظفين من خلال التعليم والتدريب الأمثل، واستخدام الأساليب الإدارية الأفضل". يعتبر عدد من المحللين الاقتصادين والخبراء الماليين أن مثل هذه الخطوة ضرورية لمحاربة تراجع مستوى راوتب موظفي القطاع الخاص التي تتراوح في الغالب مابين 1200 و2500 ريال للموظف. ويؤكد المحلل المالي محمد السويلم في حديثه للعربية.نت أنه لابد من البدء في إعداد دراسات خاصة ومعمقة لتحديد الحد الأدنى للأجور. ويقول: "هناك نوعان من العمالة؛ العمالة العادية، والعمالة الوظيفية. وفي تصوري أن الوضع في السعودية مختلف نوعا ما، فهناك موظفون سعوديون وغير سعوديين.. ولكن من المهم وضع حد أدني للأجور، وإن كان لايمكن تحديد هذا الحد الأدني من الأجور إلا بعد دراسة مستفيضة تحدد لكل قطاع من القطاع راتبه الأدنى". ويشدد على أن من المهم الاعتناء بدراسات السوق لتحديد الأجور.. ويقول: "يختلف الوضع لدينا عن بقية العالم، لأنه في بقية الدول يتم تحديد الأجر بالساعة، ولكن هذا الأمر غير موجود لدينا، لأن العمل يتم بالشهر وليس أسبوعيا.. وحتى في أمريكا يختلف الحد الأدنى من ولاية لأخرى، ويكون محددا بالساعة، ولكن هذا لا يعني أنه يصعب تحديد حد أدنى للعامل شهريا، فهو ممكن ولكن بعد دراسات معينة". إلزام الشركات ويتابع: "لا يوجد ما يمنع من إجراء مثل تلك الدراسات.. فمكتب العمل يمكن أن يقوم بهذه الدراسة، ويحدد الحد الأدنى للأجور، وطرحت بعض المكاتب الخاصة فكرة القيام بتلك الدراسات، فهذا أمر ليس صعبا حتى أنه يمكن تحديد حد أدنى لكل قطاع من القطاعات المختلفة، ولكنها تحتاج لإحصائيات معينة لا أعتقد أن توفُرها أمر صعب". ومن جهته يرى مدير عام الإبداع للتدريب والتقنية، والمحلل الاقتصادي خالد الشليل أن الشركات الكبيرة والمتوسطة والتي يزيد ربحها السنوي عن 5 ملايين ريال، هي التي يجب أن يحدد فيها الأجر الأدنى دون الشركات الصغيرة حتى لا تتأثر أسعار السلع جراء ارتفاع التكلفة. ويقول في حديثه للعربية.نت : "فرض الحد الأدنى سيؤثر على أسعار السلع.. فكل تاجر لديه منتج معين هو يربط قيمة السلعة بمصاريفه، وعندما ترتفع مصاريف الأجور فسوف يعوض هذا الارتفاع برفع سعر السلعة ذاتها.. وإن لم يفعل ذلك سوف يدخل في طور الخسارة ". ويعتبر أن التسرع في فرض هذا الحد سيكون خطأ، وأيضا عدم فرضه سيكون خطأ.. ويضيف: "المهم الآن تقنين الحد الأدنى للأجور، بحيث يكون مقصورا على الشركات المتوسطة والكبرى التي لن تتأثر من هذا الفرض، أما الشركات الصغرى التي تقل أرباحها السنوية عن خمس ملايين ريال، فعلى الأقل يكون هناك التزام أدبي من قبل جهات العمل بأن لا تقل رواتب موظفيها عن الشركات الأخرى، وأن تلزم الشركات بوضع سلم للرواتب، وأن يطبق كي يعرف كل موظف ماذا سيكون راتبه بعد خمس سنوات مثلا". ويتابع: "أي قرار اقتصادي لابد من دراسته بشكل دقيق، فرفع قيمة أي منتج ستترتب عليه سلسة من التضخمات الاقتصادية بشكل سلبي.. ولكن فكرة الالتزام الأدبي ومعايير التوظيف للسعودي، وارتباط معايير الزيادة بمقدار الابتكار وزيادة الانتاجية هذا هو الحق والعدل لكل الطرفين".