(شرق)- أثار قانون جديد للشيعة في أفغانستان جدلاً واسع النطاق في الأوساط المحلية والدولية، إذ رأى فيه بعض النواب خطوة كبيرة إلى الوراء لحقوق الأفغانيات، مشيرين إلى أن الرئيس وافق عليه لإرضاء الناخبين الشيعة قبل انتخابات رئاسية حاسمة تجرى في 20 أغسطس/آب، حسب تقرير الخميس 2-4-2009. وبلغت أصداء القانون كندا، حيث استجوبت المعارضة الحكومة حول مغزى المهام التي تقوم بها قوات أوتاوا في كابول. وبدوره، أشار صندوق الأممالمتحدة الانمائي للمرأة (اليونيفيم)، في بيان، إلى أنه لم يدرس بعد المسودة النهائية لقانون الأحوال الشخصية لشيعة أفغانستان، والذي لا تتوافر نسخ منه على نطاق واسع، لكنه أكد "قلقه البالغ من التأثير المحتمل لهذا القانون في النساء في البلاد". وتمت الموافقة على القانون الجديد، ووقع عليه الرئيس حامد كرزاي، لكنه لم ينشر بعد في الصحيفة الرسمية. ويهدف مشروع القانون المسمى "القانون الجديد للعائلة الأفغانية"، إلى اضفاء الشرعية على قانون الأسرة الخاص بالاقلية الشيعية في بالبلاد، وهو مختلف عن مثيله للأغلبية السنية. ويحظر القانون على النساء رفض العلاقات الجنسية مع أزواجهن، او مغادرة المنزل الزوجي من دون موافقتهم. وذكرت وسائل إعلام بريطانية أن "قانون الشيعة" الذين يمثلون نحو 15% من السكان، يبيح ممارسة الجنس دون رغبة الزوجة، وهو ما يمكن أن يراه البعض "اغتصاباً". وتجيز أحد البنود تزويج البنات ببلوغهن التاسعة، كما يلزم بند آخر النساء بالتبرج اذا طلب أزواجهن ذلك. لكن النائب الافغاني سيد حسين عليم بلخي، الذي شارك في مناقشة مسودة القانون في البرلمان، أفاد بأن القانون "لا يحتوي على مثل هذا الامر". وأضاف أن "القانون يضم الكثير من التساهلات بالمقارنة مع القوانين المدنية المعمول بها منذ نحو 40 عاما، فعلى سبيل المثال يجيز للمرأة الشيعية طلب الطلاق اذا كان زوجها غير قادر على اطعامها أو اذا اختفى لمدة طويلة". وقال: "بإمكان الشيعية الخروج من المنزل للحصول على العلاج، أو لرؤية والديها دون الحصول على إذن زوجها، بينما هذه الحرية غير متضمنة في القانون المدني". نائبة: عارٌ على الرئيس والبرلمان من جانبها، أعلنت النائبة شينكاي كاروخيل انها طلبت المساعدة من السفارة الامريكية والامم المتحدة، لكن طلبها قوبل بالتجاهل، وأضافت "سيكون هذا الامر عاراً على كرزاي وعلى البرلمان ورئيسه". واعتبرت نافي بيلاي المفوضة السامية لحقوق الانسان التابعة للامم المتحدة ان القانون خطوة للوراء بالنسبة للأفغانيات، و"مؤشر واضح على أن وضع حقوق الانسان في أفغانستان يتجه للأسوأ". وأضافت القاضية السابقة لجرائم الحرب، وهي من جنوب افريقيا، في بيان أصدره مكتبها في جنيف أن "صدور قانون جديد عام 2009 يستهدف النساء بهذه الطريقة أمر غير عادي ومكروه يذكر بالقوانين التي أصدرها نظام طالبان في التسعينات من القرن العشرين". وقال مسؤول حكومي شارك في وضع القانون، ورفض ذكر اسمه، ان الجزء الوحيد الذي أثار الجدل في البرلمان هو بند يسمح للرجال الشيعة بزواج المتعة. لكن كاروخيل، وهي من بين نائبات يرفضن القانون، أكدت أن القانون يحتوي على بنود عديدة تضر كثيرا بحقوق المرأة. وتابعت: "لا أستطيع تأييد هذا القانون، لدينا قانون مدني ونريد تحسينه وتطويره، لكنني أرى أن حتى القانون المدني أفضل كثيرا من قانون الشيعة هذا". وشهدت حقوق المرأة في أفغانستان تحسناً كبيراً منذ الاطاحة عام 2001 بحكومة طالبان الاسلامية المتشددة، وكانت طالبان تمنع النساء من العمل والتعليم وترك منازلهن دون أن يكن برفقة أحد أقربائهن من الذكور. لكن أفغانستان لاتزال مجتمعاً محافظاً الى حد بعيد خاصة في المناطق الريفية النائية. كندا مستاءة من القانون ومن ناحية اخرى، أثار القانون الجديد استياء الحكومة الكندية، وأعرب رئيس الوزراء ستيفن هاربر عن "قلقه العميق"، واعتبر ان مشروع القانون "يتناقض" مع المهمة الكندية في افغانستان. وأعرب هاربر، الذي يوجد في لندن للمشاركة بقمة مجموعة العشرين عن "قلق عميق جراء القانون، وأعتقد اننا لن نكون وحدنا القلقين"، معتبراً أن تحسين حقوق النساء يشكل "عاملا مهما للتدخل الدولي في افغانستان". وأجج هذا القانون النقاشات في مجلس العموم الكندي أمس الأربعاء، حيث استجوب عدد من نواب المعارضة الحكومة المحافظة بشأنه. واعتبر زعيم الحزب الديمقراطي الجديد (يسار) جاك لايتون أن "هذا القانون يعطي الرجال كامل الحقوق المتعلقة بحضانة الاطفال والطلاق والميراث. ويتيح الاغتصاب"، متسائلاً: "كيف تستطيع الحكومة ان تقول ان جنودنا قتلوا لحماية حقوق النساء عندما يسعى كرزاي الى فرض تبني هذا القانون؟". ورد وزير التجارة الكندي ستوكويل داي بأن اوتاوا "واضحة جدا" حول هذا الموضوع وتطلب من حكومة كرزاي "احترام واجباتها". من جهته، قال وزير الدفاع بيتر ماكاي ان من الضروري ان يبلغ جميع حلفاء الاطلسي الرئيس كرزاي صراحة معارضتهم مشروع القانون هذا.