(شرق)- المنامه - يتصاعد العنف الأسري في البحرين بين المواطنين والمقيمين، عاكساً بحسب مراقبين تغيرات اقتصادية واجتماعية عميقة، ومؤثراً في الصورة النمطية للبحرينيين المسالمين. إذ كشفت رئيسة "مركز بتلكو لحالات العنف الأسري" بنة بوزبون في مقابلة مع وكالة "فرانس برس" الإخبارية، الخميس 2-4-2009، أن "هناك تزايداً في حالات العنف التي تصل إلى المركز الذي بدأ عمله في 2005"، موضحة أن "هناك وعياً جديداً بدأ يتشكل لدى النساء يدفعهن لإعلان رفضهن للعنف، والخروج عن صمتهن". وتعكس أرقام 3 سنوات من عمل المركز تصاعداً في حالات العنف، فبعد وقت قليل من افتتاحه عام 2006، استقبل 1317 زيارة، وارتفع الرقم الى 1426 زيارة في 2007، ثم 2201 زيارة في 2008، و264 زيارة خلال الشهور الثلاثة الاولى من 2009. وقالت بوزبون "هناك هيئات جديدة للدفاع عن النساء على رأسها المجلس الاعلى للمرأة. والجمعيات النسائية زادت من نشاطها في الدفاع عن النساء وتزايدت المنظمات التي تدافع عن حقوق النساء". وحسب بوزبون فإن "النساء اصبحن يتعرضن لأشكال جديدة من العنف اللفظي والجسدي"، موضحة "ان بعض الرجال بدأ يعي أن هناك رقابة ومساءلة، فأصبحوا يلجأون لأشكال من الضرب لا تترك آثاراً، أو أنهم يقومون بحبس النساء المعنفات في المنزل لكي تزول آثار الضرب مع الوقت". وأوضحت ان "التحايل اصبح سمة ملازمة للعنف. كل اشكال العنف اصبحت شائعة لدينا، من العنف اللفظي الى العنف الجسدي، كما ان هناك ميلاً متزايداً للأذية، وأخطر أشكال العنف الان هو ذلك الذي اصبح رائجاً في الخلافات الزوجية في حالات الطلاق او الانفصال". وأشارت انه في بعض حالات الطلاق "يقوم بعض الازواج بتلفيق الادلة ضد زوجاتهم، مثل فبركة الصور الفوتوغرافية والتسجيلات الهاتفية ليستخدمونها للضغط على النساء، فضلاً عن الابتزاز المادي الذي تتعرض له نساء عندما يطلبن الطلاق". واعتبرت الناشطة انه من "المؤسف ان بعض القضاة يطلب من النساء ان يدفعن اموالاً لازواجهن للحصول على الطلاق، لكن ماذا تفعل المرأة التي لا تملك اموالاً؟". ومن وجهة نظر التحليل النفسي، ترى بوزبون ان "العنف بات يمزق الصورة التقليدية المعروفة عن البحرينيين، كأناس مسالمين وغير ميالين للأذى والعنف". عنف في الاتجاهين وتستدرك بوزون بالتأكيد أن العنف الزوجي يمارس في الاتجاهين، إذ إن بعض الرجال يعانون من العنف الأسري أيضاً، كما ان رجالاً آخرين يطلبون المساعدة لكبح النزعة العنيفة لديهم. وقالت في هذا السياق "ان النساء ايضاً يستخدمن الوسائل نفسها فبعضهن يستخدمن الاطفال للضغط على مطلقيهن بحرمانهم من رؤية اولادهم، أو يلجأون للضغط المالي عبر التحايل على احكام النفقة مثلاً". واشارت الى ان رجالاً بدأوا يأتون للمركز لطلب المساعدة، وآخرون "يطلبون مساعدتهم في التحكم في انفعالاتهم". وترى الخبيرة التي أمضت أكثر من 25 عاما في مكافحة العنف الاسري، أن شيوع العنف على هذا النحو "ظاهرة عالمية لم يسلم منها مجتمع وضريبة للعولمة لا يمكن تفاديها". وأوضحت ان "التغيرات الاقتصادية تتبعها تغيرات اجتماعية لا يمكن التحكم بها. فإذا لم يتم اشباع الحاجات الاساسية للافراد من مأكل ومسكن والحاجات البيولوجية، فإنهم سيفتقدون للتوازن النفسي". وفي السنوات القليلة الماضية، انتشرت في البحرين مراكز متخصصة في تقديم الدعم للنساء من ضحايا العنف الاسري، حيث بادرت جمعيات نسائية عديدة مثل "جمعية اوال النسائية" و"جمعية نهضة فتاة البحرين" الى فتح مراكز خاصة لتقديم الدعم النفسي والاستشارات القانونية لهن عبر محامين متطوعين، اضافة الى انشاء خطوط ساخنة لتلقي الشكاوى. كما افتتحت جمعية نسائية اخرى، هي جمعية البحرين النسائية، مركزاً متخصصاً لتلقي شكاوى عبر الخط الساخن للاطفال الذين يتعرضون لسوء المعاملة او الاغتصاب تحت اسم "كن حراً". واعتبرت بوزبون ان انتشار هذه المراكز المتخصصة "دليل على شيوع العنف والحاجة المتزايدة لمواجهته". الا انها عبرت عن قلقها خصوصا إزاء صعوبة رصد العنف الاسري "لان الناس خصوصاً النساء ما زالوا يترددون في الابلاغ عن تعرضهم للعنف". عنف بين الأجانب ولا تقتصر حالات العنف التي تصل المركز على البحرينيين فقط، حسب بوزبون، بل "ان المركز يستقبل حالات عنف اسري لاجانب مقيمين في البحرين، بل وبعض الحالات من دول الخليج"، مضيفة "كما ان السفارات تحول لنا قضايا للمتابعة والعلاج". واشارت الى تسجيل "حالة فريدة لسيدة فرنسية وأبنائها ظلوا محبوسين في منزلهم من قبل عشيقة الزوج لعام كامل قبل ان تتمكن الام وأبناؤها من الهرب، وتلجأ للسفارة الفرنسية التي حولتها لنا. وهناك حالة اخرى لسيدة بريطانية كانت تعيش في الشارع بعد زواج دام 25 عاما، وكانت ممنوعة من السفر بعد ان سلب زوجها كل اموالها وأوراقها الثبوتية". وتابعت "قمنا بمتابعة الحالة واستخرجنا لها اوراقا جديدة وبعد فترة من العلاج غادرت الى بلادها، ونحن لا نكتفي بتقديم الاستشارة او الاستماع للضحايا فقط بل نتابع الحالات حتى تحل المشكلة تماماً". وبالرغم من عدم رصد الكثير من حالات العنف الأسري، الا ان بوزبون تعرب عن الامل؛ "لاننا نعيد ثقة الضحايا بأنفسهن ونجعلهن قويات.. والضحايا يجلبن ضحايا أخرى". وأضافت "هذا جيد لأن معناه أن عملنا يؤتي ثماره".