على الأرائك بركان ثارَ من حرِّ الأنفاس، من آه الأوجاع، أيها الليل الصامت، صمتُك أخَذ القلب في أخذات، سرَق الفكر حتى غابت معالم الذَّات. ذهبت خلف ضيات القمر، فما وجدت راحة ولا طيفًا من أطياف الصفوات عادت النفس أدراجها، تبحث عن مكانها، فكان الخريف قد أتى على جمالها. الروح تَروح روحات كلما راحت الرياح، كأن النفس تحطُّ حيث يكون نَوْح اليمامات الدموع كأنها عِقد انفرَط، تَتهاوى في تدرُّج على مدارج الخد، لتَترك على كل دَرَجٍ لوحة أبكَت الطير، ضمَّت أوراق الزهور التي أصبح رحيقُها صعبَ المنال للنحل والفراشات. سُلِبت من على الأرائك معالِمُ الراحة، تناثَرت على الجدران معالِمُ الغدرات. الأقدام في وقوف طالَ، والقلم في حنين للورق المُحترقة جَنباتُه من يدٍ عرَقُها ثارَ في كل الأماكن؛ حيث تحطُّ كسرة الخاطر والصدر كالمِرجَل الملتهب من آلام الزمان. انتفِض يا قلم بحِبرك الوردي؛ لترسُم حدود الربيع الغائب والشوق له لا ينتهي. تدفَّق يا غدير، اجعَل عَزْفك يُحضِر البلابل، ليكن لَحْنُها بلسمًا يَشفي الجراح. ربَّنا، حبك هو المُنى، فاجعَل لنا نورًا وراحة أبديَّة. إلَهنا، مجاورتك ومجاورة المصطفى وأصحابه الأخيار، ما نبتغي. والصلاة والسلام على النبي المختار محمدٍ - صلى الله عليه وسلم.