فإن الله عز وجل بعث رسوله الكريم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه أفضل كتبه ، كما قال تعالى ( وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه) ليكون هاديا للناس ، ومرشدا لهم ، وموجها لهم إلى ما فيه سعادتهم وصلاحهم ونجاتهم في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى ( كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور ) ، يعني : لإنقاذهم من ظلمات الجهل والكفر والأخلاق السيئة وأنواع المعاصي ، وإدخالهم إلى نور العلم والإيمان والأخلاق الفاضلة، وقال تعالى ( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا ) . ومن تأمل القرآن الكريم ، وتدبر معانيه السامية وجده يهدف إلى تربية المسلم تربية علمية ، تشمل تربية الباطن والظاهر ، وتربية القلب والروح والنفس ، وتربية الجسد والبدن ، بما يكفل له بإذن الله أن يحيى في الدنيا حياة طيبة سعيدة مطمئنة ، كمال قال تعالى : ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) ، وقال تعالى : ( الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) ، وقال تعالى : ( فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا). والأساس المتين الذي يبني عليه القرآن الكريم تربيته للمسلم ذكرا كان أو أنثى ، صغيرا أو كبيرا ، هو أساس الإيمان بالله تعالى وغرس تقواه في القلوب ، وتقوية صلة العبد بربه بالأعمال الصالحة ، وتحسين علاقته بالآخرين ، وبالكون ، وبكل ما يحيط به. فهناك آيات كثيرة تدعو إلى الإيمان بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، وباليوم الآخر ، وبالقدر خيره وشره ، كما أن هناك آيات كثيرة تدعو إلى إقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والصوم ، والحج ، والصدقة ، والإحسان إلى الجميع ، والعفو ، والصفح ، والعدل ، وكظم الغيظ ، والأمر بالصدق ، والوفاء بالعهود والعقود . والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وإقالة العثرات ، وغير ذلك من مكارم الأخلاق ، ومحاسن الصفات . وبالمقابل نجد آيات كثيرة تنهى عن كل ما يضاد ذلك ، فنجد النهي عن الشرك بالله ، والنهي عن المنكر ، وعن الكذب ، والزور ، والغدر ، والظلم ، والغصب ، والزنا ، وعن كل الفواحش ما ظهر منها ، وما بطن. والخلاصة أن القرآن الكريم يربي الإنسان على كل الفضائل والمحاسن ، ليعيش سعيدا هنيئا مطمئنا في الدنيا ، لأنه دائما يسعى إلى مرضاة الله تعالى ولينال الفوز والنجاة في الآخرة ، وليعيش أيضا حياة طيبة في علاقته مع المجتمع الذي ينتمي فيه صالحاً مصلحا . وعلى هذا فمن تمسك بالقرآن الكريم ، وتربى على هديه ، وتأدب بأخلاقه ، فهو السعيد في الدنيا والآخرة . نسأل الله تعالى أن يوفق المسلمين جميعا رجالا ونساء وشبابا وشابات إلى التمسك بالكتاب والسنة ، والعمل بأحكامهما في جميع شؤون حياتهما ، كما نسأله تعالى أن يجزي قادة المملكة العربية السعودية وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ، وولي عهد الأمين ووزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز خير الجزاء ، وأن يوفقهما لما يحبه ويرضاه ، وأن يجزل لهم الأجر على كريم عنايتهم ، وبالغ اهتمامهم بكتاب الله تعالى وتحفيظه . * وكيل وزارة الشؤون الإسلامية للشؤون الإدارية والفنية