إن الحب فطرة إنسانية , و صفة من الصفات القلبية , و لما كانت تلك المحبة لها الأثر البالغ بين المسلمين , أفرادا و أسرا و مجتمعات جاء الإسلام كي يهذبها , و يوجهها توجيها سليما , و جعل أعظمها و أفضلها : محبة الله و رسوله , ثم محبة المسلمين في الله , محبة خالصة لله بعيدة عن الرياء و السمعة و المنافع الدنيوية , و المصالح الذاتية , فالحب في الله و لله عبادة يسيرة وأجرها عظيم يغفل عنها كثير من الناس , و هي من أعظم القربات و الطاعات حيث يتقرب المتحابون فيما بينهم بقلوبهم الصافية التي لا يكدرها داء القلوب و أسقامها , و تتآلف النفوس , و يساعد بعضهم البعض , و يخاف بعضهم على البعض الآخر , و يتواصون فيما بينهم بالخير . فما الذي جمع بين هذه القلوب , و ألف بين تلك القلوب على الود و الإخلاص , و قد لا يجمعها صلة رحم و لا نسب : إنه الحب في الله و لله تعالى , ذلك الرباط القوي و الحبل المتين , رغبة في الأجر و الثواب العظيم , حيث يقول تعالى : ( و ألف بين قلوبهم و لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم و لكن الله ألف بينهم ....) 63 , الأنفال , و قال صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يقول يوم القيامة : أين المتحابون بجلالي ؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظلّ إلا ظلّي) رواه مسلم , و الحب في الله من أوثق عرى الإيمان , حيث يتعلق المؤمن بخالقه , و يحبه و يحب رسوله صلى الله عليه و سلم , و يحب المؤمنين , فيجد فيه المؤمن لذة الطاعة و حلاوة الإيمان --- قال صلى الله عليه وسلم : ( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار ) رواه البخاري , و للمحبة في الله ثمرات طيبة كثيرة تعود على المتحابين في الدنيا و الآخرة منها : محبة الله تعالى لهم , و يظلهم الله بظله يوم القيامة , و يجد المؤمنون فيها حلاوة الإيمان , و يكون في وجوههم نور يوم القيامة , و يغبطهم الأنبياء و الشهداء يوم القيامة , و سبب في دخول الجنة , قال صلى الله عليه و سلم : ( لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا و لا تؤمنوا حتى تحابوا ، أولا أدلّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم ) رواه مسلم .