الرجال في هذا الزمان كم هم كثيرون جدا , ولكن قد تختلف رجولتهم بحسب اختلاف تعاملهم , فيعرف الرجل برجولته ( في تعامله أولا ) , وبحسب امتلاكه لكل خصال الرجولة , والتي تكون في مجملها أو تكتمل خصائصها كاملة بكل من الصدق والوفاء والإخلاص والأمانة و الوقوف معك على الحلوة والمرة , حافظا وصائنا لعرضك و ساترا لا منتهكا له أو خائنا , فيستحق الرجل بذلك بأن يكون رجلا ( قولا وفعلا وشكلا ) , وبذلك فسوف تفتخر وتتشرف لأن يكون هذا الرجل ملازما بل وقرينا لك في كل حياتك و حتى مماتك , وهم بذلك يقاسون كمثالا .. كأخ لك في الله , أو صديق أو زميل أو صاحب أو جار أو قريب و حتى ولو كان من بعيد فهكذا هم .. الخ , وليس ومع الأسف لما نحن عليه الآن أو لما نسميهم بأشباه الرجال , فما أكثرهم من حيث المظهر والمنظر ولكنهم في الأصل .. لا قيمة لهم . فالبعض من هؤلاء الرجال إنما هم مجرد اسم وشكل فقط , متجردين من كل الصفات أو الخصال الحميدة والتي يمتلكها بل يفتخر ويعتز بها كل رجل أصيل يحاول جاهد ويسعى لأن يحمل من داخله كل معاني النخوة والأصالة والشهامة , ويحافظ عليها ما أمكن لأنها كنز باقي غالي الثمن بالنسبة له , ويتذكره كل من كان يتعامل معه حتى وإن انتهى أجله فيبقى ذكره باقي كاتقديرا وكوفاء له وشهامة , وهم بذلك يحلمون لأن يكونوا ولو بشي بسيط مثلهم . والبعض الآخر منهم فقد يحملون قليلا من هذه الصفات وبهذا قد يصفون بأن يكونوا بنصف الرجال , أما المتجردين من كل صفات الرجولة في زمن قد ماتوا فيه من يستحقون لأن يطلق عليهم رجالا ومع الأسف , فهم أيضا قد قلوا فيه فلا يستحقون لأن يعيشوا فيه , لأنهم معلقين ما بين السماء والأرض , فتنسى أفعالهم بسرعة ولا تكاد تذكر , وإن انتهوا من هذه الدنيا فلن يتذكرهم أحد لا بخير أو بشر , لأن الخير دائما ما يذكر بصاحبه ولا ينسى أبدا , ويثمر معروفة دائما , بعكس من يفعل الشر دائما فلا يتذكره إلا من كان مثله أو في منزلته . فالرجولة ليست مقياسا لأن تكون بالفتونة أو بالذراع وإبراز القوة والعضلات , وإنما هي أقوال ثم تترجم بعمل لأن تؤدي محصلتها إلى فعل الخير وليست إلى عكسه تترجم وهو إلى فعل الشر . إن الرجولة لربما قد تكون وراثة من الآباء ومن ثم الأجداد , وربما هي العكس , إذا تجد بأن هذا الرجل قد ورث رجولته من جده وليست من أباه , والبعض الآخر منهم قد تجده ورثها بالتعلم والتعليم والتأديب والممارسة , وربما قد تجده هو من فيه الرجولة عن بقية أقربائه أو أهله أو عشيرته , وربما أيضا لأن يكونوا هم رجالا وهو بعكسهم تماما , فالمشكلة ليست في الاسم ( الرجولة ) , وإنما المشكلة هي مع من يعلمه ويدرسه بها منذ الصغر وحتى الكبر . فعلموا أبنائكم ومن الصغر بكل صفات وخصال الرجولة ليعلموها هم في الكبر لأبنائهم , ويتعلمها بذلك ويتوارثها جيل بعد جيل , وما نحن إلا من أجيال نتعلم منها وتستفيد , ولكن نحاول جاهدين لأن نكون محملين ولو ببعض الصفات والتي قد تجعلنا فعلا في قمة الرجولة , فالرجولة ليست اسما نحمله فليكن فعلا أيضا قبل القول , وخاصة ونحن في زمن مات فيه الرجال وأيضا قد قلوا فيمن كانوا مثلهم . سامي أبودش كاتب سعودي .