تقول أحلام مستغانمي في إحدى رواياتها: عجيبة هي الحياة بمنطقها المعاكس،أنت تركض خلف الأشياء لاهثاً فتهرب الأشياء منك،وما تكاد تجلس وتقنع نفسك بأنها لاتستحق كل هذا الركض حتى تأتيك هي لاهثة،وعندها لاتدري أيجب أن تدير لها ظهرك أم تفتح لها ذراعيك وتتلقى هذه الهبة التي رمتها السماء إليك والتي قد تكون فيها سعادتك أو هلاكك؟ وهاهو المواطن العربي يتلقى اشياء لاهثة تركض اليه كل يوم تحمل معها معنى الديمقراطية والحرية والدولة المدنية التي كان يحلم بها و لا يستطيع التعبير عنها في أغلب مراحل النظم السياسية التي كانت تحكمة، بل أنه مضى سنوات عمره في المطالبة بالحد الأدنى من تلك المطالب لتحقيقها ولكنه لم يستطيع، والآن وبحكم شيء يطلق عليه الربيع العربي ذالك الذي فاجئنا من حيث لانتوقع في غير وقته، فالقد خرجت الجماهيرالعربية إلى الشوارع والساحات والميادين ووقفت إمام القصوروالوزارات والسفارات وعلت اصواتها مطالبة بالديمقراطية والحرية حتى انفجرت مطالبة بإسقاط الأنظمة الحاكمة فدار التاريخ وانقلبت الأدوار وسقطت الأنظمة وتحققت مطالبها، ولكن ما صحيت هذه الجماهير العربية من دهشتها وانبهارها من تلك الأنجازات التي تحققت في وقت قياسي قصير، إلا أنه سرعان ما هطلت الأحزاب السياسية المختلفة بمبادئها وافكار قيادتها استعداداً للمشاركة السياسية في دول أصبحت جماهيرها العربية في حالة فوضى عارمة حتى انها وقفت على حافة السقوط الذي لايقاوم، فالقد نهبت ودمرت مؤسساتهاالإقتصاديةوالإجتماعيةوالسياسية وتقسمت قواتها العسكرية وتزعزع أمنهاوإستقرارها ،بل تعدى الأمر ببعض الدول إلى ان فقدت سيادتها وإتاحت المجال للتدخل الخارجي في شؤونها الداخلية وسيادةشعبها وأستعمارها بطريقة جديده وكل ذلك تم تحت مظلة حق الشعوب في تقرير مصيرها وبالحصول على الديمقراطية واحترام حقوق الأنسان. في ظل هذه الصورة التي حدثت وما زالت تحدث والتي سوف تحدث في الدول العربية ، يستحضروني أسئلة هاربة من خلف جماهير الربيع العربي وهي:هل الثورات العربية التي حصلت هي بفعل تحركات الشعوب العربية ورغبتها في تغير الأنظمة والوصول الى الحرية السياسية المطلوبة، وهل سوف تنجح هذه الشعوب بنص دساتير ديمقراطية جديده تجعلها تشكل احزاب سياسية ديمقراطية مختلفة و تنتخب أنظمة سياسية ديمقراطية تنهض بالمجتمع وتحترم حريتة ؟، أم ان هذه الثورات هي سياسة أمريكية جديدة تهدف الى تغيير الأنظمة في المنطقة العربية وصياغتها وفقاً لمصالحها المتجددة، ولماذا تحظى بعض الشعوب العربية في بعض الدول العربية بالدعم الأمريكي لها بحقها في التعبير والمطالبة بالحرية وتقرير مصيرها دون غيرها من شعوب عربية أخرى في دول عربية أخرى مطالبة بنفس الحق..؟! لن أجيب عن هذه الأسئلة واصبح كمن يقفز في فراغ دون أن يفتح مظلة الهبوط،لأن الشعوب العربية وحدها هي التي سوف تجيب عنها في السنوات القادمة، ولكنني سوف اضع يدي على الجانب المؤلم من التاريخ للثورات، و اقول كما تردد في التاريخ :"الثورة يخطط لها الدهاه ويموت بها الشجعان ويقطف ثمارها الجبناء.