كان لابد من فاطمة أخرى تخرج قبل أن يتكلس ويبرد المصهور الذائب لفاطمة الأولى . البداية مع فاطمة الشهري , وليست خاتمة أزمات التعنيف ستكون في يد فاطمة أحمد . فاطمة أحمد اسم عرفته الحياة الإعلامية مرتبطا بمأساة ثقيلة ، ألقيت بالسجن لأنها أرادت تخفيف العبء الحاصل على الأب الذي يعول عشرين فردا بتقتير مقيت . اسمها فاطمة أيضا؟! يبدو أن السر في تركيبة الاسم ، وهذا ما لا أحب افتراضه لأنه تشاؤم ممجوج ،هي مجرد صدفة سيئة أن يصبح اسم (فاطمة) ترميزا لضحايا العنف . اختارت السكن هي وابنتها مع والدتها ، فشكاها الأب للقضاء بعد تلفيق عدة تهم ساذجة للضغط على أمها بالعودة إليه . وعلى نمط لايخلو من التأثر بروح السلطوية قرر أحد الهواة في المحكمة _ممن يظنون أن الفصل في الأحكام وسلق البيض ينتميان للفن ذاته _ قرر أن فاطمة عاقة . وبعقلية الاستبداد التي يبدو أنها متأصلة بسخاء في بنية الوعي واللاوعي لديه قام بسجنها لأن هيئتها بالحجاب سافرة على حد زعمه ، فكان عقوقها وحجابها (والذي أكدت لي فاطمة في رسالتها بأنه حجاب شرعي كالمتعارف عليه) أمران باعثان على الحبس. مثل هذه الأحكام المنحازة لصالح الذكور منذرة برفع تكلفة التوتر العلائقي بين الذكر والأنثى إلى حدود باهظة، لكنه جمود سائغ في المحاكم لايعترف بأهلية الفاطمات في تسيير شؤونهن بعيدا عن إرغام الوصايات الذكورية السابقة على كل اختيار . لانرغب لقضية فاطمة أن تتخذ مسار العدالة البطيئة لأن هذا كفيل بأن يحتل إرادتها ويؤذيها , ستخسر مرحلة مهمة من عمرها كان الأوفق أن تقضيها بين ابنتها وأمها . كما لا أريد لأحد أن يزج بهذا المقال في طراز (الفيمنزم والتحامل ضد الرجل) , فليس هذا ما أبغيه منه. تبدو تفاصيل الحكاية أكبر من المساحة ، لذا أنقذوا فاطمة والسلام . رنا الشهري_ كاتبة سعودية