من أسمت نفسها بقناة الأسرة العربية حُقَّ لها أن تفخر بهذا الاسم وتتباهى به فهي بالفعل تقدم للأسرة العربية ما ينقصها فعلا . جاءتني رسالة من أخت رمزت لنفسها ( بنت الكويت ) مختصرها : ( أنها تغبطنا على وجود الهيئة في بلدنا وأننا محظوظين بوجود مثل هذا الجهاز العظيم ، ثم سافرت بي إلى أمر أكثرت من الحديث عنه من قبل ، وهو برامج القنوات العربية وخصصت برنامج ( هو وهي ) على قناة ام بي سي وما يحدث فيه من مشاهد مرئية ومسموعة تخدش الحياء رغم أن مالكها من بلد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) انتهى كلامها . فقلت : قبل فترة من الزمن أطلّ علينا البرنامج الشهير ( ستار أكاديمي ) في قناة صديقة لقناة الأسرة ، شبيهة لها في العرض والطلب ، كنت حينها أظن أن الله سيسلط علينا من يجلب لنا المتاعب إن نحن سكتنا عن عرض مثل هذه المهازل والمشاهد المغرضة والخادشة حتى للذوق العام ، فمنا من أنكر بقلبه أو بقلمه ومنا من أنكر بقول أو عمل وغير ذلك ، ما عُرض على الشاشة العربية كان قمة في قلة الأدب والذوق بل قبل ذلك قلة في الدين والعقل .. دارت علينا رحى الأيام وكانت الفكرة أكثر انحطاطا وسفلية بعمل برنامج أسري ( غرائزي ) أسموه ( هي وهو ) لكي يعلموا الناس أمور دينهم في الحياة الزوجية وكيفية بناء أسرة ملتزمة سعيدة هانئة ، نعم فالمجتمع العربي للأسف يعاني من فقر ثقافي ديني أسري حيث كثُرت حالات الطلاق والتباعد والتناحر والثأر وعم البلاء داخل عش الزوجية فالزوج يصفع زوجه والزوجة تركل بعلها والجميع في حلبة صراع والأولاد من أجلهم في دوامة ، وكل يوم ( حكم من أهله وحكم من أهلها ) بسب سوء الحياة الزوجية ، فاستنجدوا بالست ( أسيل ) والسيد ( خالد ) – يالبى أم عطفه* - لكي ينشروا الثقافة الزوجية في جزيرة العرب على مدى أكثر من 150 يوما متقطعة صالوا وجالوا في البلاد لم يذوقوا فيها طعم النوم و الراحة أبدا من أجل إسعاد الأسر العربية ، حتى من الله علينا بالهداية والرشاد بعد مشاهدتهم فمنا من طلق الطلاق بالثلاث ، ومنا من أرجع زوجته بعد فراق سبع عجاف ، ومنا من ذهب إلى شيخ ليرقيه ، وخلت المحاكم من قضايا الطلاق وأغلقت أبوابها ، وارتاح القضاة واستمتعن النساء بالحياة ، وامتلأت المتنزهات بالأزواج ، وأغلقت جميع الرحلات المتوجهة لتركيا وماليزيا ، وأقفلت الكثير من الاستراحات والديوانيات وتفرق الأصدقاء والأصحاب ، والجميع يردد ( الزوجة أولا ) ، وأصبح الكل في سعادة والكل يريد أن يعيد أيام العسل لأنه لم يشعر بها إلا بعدما منّ الله عليه بمتابعة البرنامج وشاهد السيد ( هي ) والسيدة ( هو ) . وأخذ النساء يرددن ( بالطول بالعرض أسيل تهز الأرض ). بل إن حقوق الإنسان باركت الخطوة وتسعى لتثبيت منهج التربية الزوجية ( الأسيلية الخالدة ) في مناهج جامعية لتدرس في الجامعات العالمية الكبرى . كما أني سأخبركم بما لم تحيطوا به علما وذلك أن الطلب زاد على ( الأرقيلة ) – الشيشة - ومعسل التفاح حتى انقطع من الأسواق فاتجه الناس نحو ( الفراولة ) نبات الرشاقة ، فأبادوها من الأسواق حتى أن ( هايبر بنده ) أسرع في مخاطبة الشركات المصدرة لها في بلاد المكسيك ليسعفونا بها _ يا حياة الشقاء _ والسبب فقط ( هما ) أسعد وأرق وأجمل زوجين على وجه البسيطة ، لا وأجمل حياة زوجية بعد ، لأن المجتمعات العربية تعد من أكبر المجتمعات التي تكثر فيها ( الضبان ) التي لا تعرف للرومانسية طريق ، وكذلك مرتع خصب للتماسيح والسحالي المهاجرة من عالم الخيال . وفي عالم الفلك اتجه الكثير من الفلكيين العرب لحساب أيام السنة الكبيسة بالاستعانة بالست ( أم أسيل ) لأنها مرجع في الحساب فلم يعد لحساباتهم أي معنى بعد اكتشافها . صراحة قمة السخافة ، الانحطاط ، تبلد الإحساس ، انعدام الضمير والغيرة ، ضعف الوازع الديني والأخلاقي ، وقل ما شئت حتى تصل أسفل السافلين وتشاهد العالم من أسفل . يقول أحدهم ( ما أشوف فيها شيء أن نرى حياتهم الشخصية فهم أزواج وما يفعلونه حلال ) وسبحان الله طبعا هذا نتاج طبيعي لمن يشاهد تلك القنوات ، يُمسخ عقله ورجولته ودينه وأخلاقه بمجرد مشاهد مخلة حتى بالذوق العام ولا ترضاها بعض الحيوانات التي وهبها الله شيء من الكرامة . أي إعلام هذا الذي ينشر الرذيلة بكل ألوانها وأشكالها ، ويطمس الفطرة والفضيلة ، ماذا بقي بعد هذا الخنا والوباء وقلة الدين والحياء ؟ ماذا عن المستقبل القريب لنتنبأ بالبعيد ؟ صدمات تلو صدمات ، وسقطات تعقبها سقطات ، مناظر مخجلة ومشاهد منحطة . هذه نهاية الحرية التي يدعو إليها المرجفون . أهذا هو التنوير الذي يدعون إليه ؟ أبكل هذه البساطة يفرط الإنسان في دينه وعرضه وشرفه من أجل حفنة دولارات . أصبحنا نحن العرب خاتم مع كل أسف في أصبع دعاة التغريب والضلال والإباحية مقابل المال . ومن برنامج ( ستار ) إلى برنامج ( هو وهي ) ومن مسابقة ( جمال الماعز الحجازية ) إلى ( مزاين أم رقيبة ) ومن ( كلام نواعم ) إلى ( ستار صغار ) ونحن من سقوط إلى سقوط وسننتج أمما تخاف من الماعز وتعمل عمل قوم أسيل ولميس وسوزي . وبالكاد سننتصر على كل الحضارات الحيوانية الأخرى .. أخيرا : أين مقص الرقيب من الرقيب ( سبحانه وتعالى ) ؟ أضع بين أيديكم علامة استفهام كبيرة جدا على حال الأمة ومآلها وعلى حال القنوات العربية وملاّكها : إلى أين تذهبون بنا ؟ إلى أين ؟ أعانك الله أيها المشاهد العربي على إعلامك الهابط ..! حفظ الله الراعي والرعية من كل سوء وبلاء . كتبه : طلال الثبيتي 5 صفر 1432 ه * أم عطفه : عصا غليظة مصنوعة من الخشب المقوى يستخدمها عرابجة سان فرانسسكو تعبر عن مدى الرضا والغضب في مجتمعهم وتستخدم في الأوقات الحرجة فقط .