من أهم مكونات الإعلام المرئي هي السينما وتليها الفضائيات وبرامجها ، وكلاهما ( السينما والفضائيات ) تعتبر الدراما عنصراً أساسياً في جلب الجمهور والتأثير عليه ، وبعد تفوق الدراما المصرية في مرحلة سابقة وسيطرتها ، هاهي الدراما الخليجية تأتي وتحاول أن تعمل شيئاً .. واستطاعت فعلاً .. وقبل أن أبدأ فسأضرب مثالاً لأهمية الدراما في أمريكا – بما أني أكتب المقال وأنا متواجد بها – وكيف أنها سلطة رابطة فرضت نفسها بحق ، وكانت وسيلة تخدم أهداف واستراتيجيات عُليا وتروج لقيم وعادات وسلوك مسلسل "فريندز" يقوم ببطولته أربعة ممثلين، أجر الممثل الواحد في الحلقة الواحدة والتي مدتها نصف ساعة مليون دولار !!! والمسلسل يبث منه أربع حلقات أسبوعياً ، أي أن دخل الممثل السنوي ، هو ( 192 مليون دولار) بينما دخل رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية السنوي هو ( 450 ألف دولار ) فقط ، أي أن دخل الرئيس السنوي يعادل أقل من دخل ممثل في نصف ساعة ، هذه أهمية الدراما وعليها يكون التعويل في صناعة صورة ذهنية عن الشعوب في الخارج . بما أن الدراما السعودية في بداياتها فهذه بعض الرؤى حولها علّها أن تبدأ من حيث انتهى الآخرون : • الدراما السعودية فرص ومميزات : o الجمهور : وجود شريحة واسعة متابعة لها ، وهي بالدرجة الأولى الشريحة التي تريدها القنوات الفضائية لتجلب منها الأموال . o الدعم المالي : جهات قليلة ومعدودة التي تشتري الأعمال الدرامية أو تنتجها ، ولكنها تدفع بسخاء وفي مرات بغباء وبالطبع أن العنصر الرئيسي المتحكم في مفصل الدعم والشراء هي العلاقات والواسطات . o المحتوى : كثرة المواضيع التي لم تطرح ويمكن أن عرضها بذكاء واستحواذ على شريحة واسعة من المتابعة ، خاصة أنه مجتمع متجه نحو الانفتاح والتغيير . • جوانب الضعف والعوائق : o المال : ضعف الدعم المالي المتمثل في قلة الجهات التي تشتري العمل ، وإذا اشترته يكون بمبالغ جيدة ، ولكن وفق وساطات تأخذ مايصل إلى الثلث من المبلغ الإجمالي . o الاختصاص : تقوم الدراما السعودية على أيادي غير متخصصة أكاديمياً ، وإنما بجهود فردية مبدعة من هواة يتعلمون من أخطائهم وخسائرهم المادية والمعنوية . o التجارب : عدم الاستفادة من التجارب السابقة بشكل جيد وعلى رأسها تجربة الدراما المصرية والتي ضعفت الفترة الأخيرة . o التكرار : ويتمثل في التالي : الممثلين : هي مجموعة متكررة تقدم لنا أعمال جديدة في كل سنة ، وفي كثير من الأحيان بتكرار ذات الأدوار ، والممثلون الجدد والصاعدون قليل ويُعدّون على الأصابع . المواضيع : قضايا اجتماعية متكررة ( المخدرات ، الطلاق ، تخلخل الأسرة ، الحب والزواج ، نقد التيار الديني .... ) نموذج : ( طاش ماطاش ) تكرر حتى سئموا هم من أنفسهم فلجئوا لتجربة جديدة في مسلسل ( كلنا عيال قرية ) وباء بالفشل فعادوا للتكرار في طاش ما طاش . o الأداء التمثيلي : ضعف الأداء الفني لبعض الممثلين ، ويظهر ذلك واضحاً عند أهل الاختصاص ، فالارتجال والموهبة الفطرية هي الأساس دون اللجوء للتدريب والاحتراف المهني . o المضمون : الرضوخ في المحتوى لمتطلبات المشترين الكبار في المطالبة بالانفتاح وإظهار المرأة بغير الواقع ، وإبراز قضايا المجتمع السعودي بغير الوجه الحقيقي وذلك بالمبالغات سواء في الانغلاق أو الانفتاح ، فالانغلاق الزائد يعني أنه يجب أن يتفتح ويتطور ، والانفتاح المبالغ فيه يبعث رسالة بأن هذا هو الواقع . o التمثيل النسائي : ندرة العنصر النسائي في التمثيل سواء كان يجيد التمثيل أو لا ، فيتم اللجوء لدول الخليج المجاورة أو الشام ومصر ، وإن ظهرت الممثلة السعودية فليس كما يريد المنتج تماماً ، ولا ننسَ شيئاً من حلقات ( طاش ما طاش ) عندما مثّلت إحدى السعوديات ثم ثارت عليها عائلتها وتواصلوا مع المنتجين قبل العرض بأيام ، فلم يجدوا حلاً لضيق الوقت ، فلجأ القائمون على المسلسل إلى تضبيب الصورة على المرأة . o الحبكة القصصية : المسلسلات التي أجادتها معدودة جداً والأغلب تعاني من ضعف الترابط بين الأحداث من البداية إلى إثارة اللغز ثم الحبكة وحلها . o العاطفة : الحرص على اللعب بالعواطف والخيالات الرومانسية ، الخالية في نهايتها ومضمونها من التوجيه الأخلاقي . o القيم : ضياع الأخلاق النبيلة وفي بعض الأحيان إظهار الأخلاق السيئة ( الكذب ، الغش ، احتقار الكبير ، مشاجرة الأبناء ، عدم احترام الجار ... ) من خلال ممارسة البطل لها بأنها هي الأفضل والتي نجح من خلالها . في الجزء الثاني من المقال ، سأتعرض بشيء من التحليل المختصر لمسلسل ( أيام السراب ) كنموذج للدراما السعودية . ماجد بن جعفر الغامدي إعلامي سعودي - أمريكا - المسسيبي