ظهرت في إطار الهجوم الشرس الذي شنه الإعلام الغربي على الإسلام وأهله بعد أحداث الحادي عشر من ايلول سبتمبر مصطلحات عديدة تصف الإسلام والمسلمين وتصنفهم وفقا لرؤيتهم الخاصة ومن ابرز هذه التسميات الإسلام الراديكالي أو المتطرف دون تفريق بين الدين ومن يدينون به وفي المقابل وكردة فعل طبيعية للدفاع عن الإسلام من اصحابه كثر الحديث والتركيز على وسطية الإسلام وسماحته ومنهجه المعتدل ولكن ما لفت نظري ظهور مصطلح الإسلام الوسطي الذي يتم تداوله من قبل الكثيرين من الجماعات والأفراد في عالمنا العربي بشكل خاص وعلى نطاق أوسع على امتداد العالم الإسلامي ممن تبنوا هذه التسمية ونشروها . لا ادري إن كان هذا المصطلح يأتي في إطار التناغم مع الغرب في الرد على ما يسمونه بالإسلام المتطرف أم أن المقصود به أن يعبر عن المعنى ذاته لوسطية الإسلام أو غير ذلك ولكن وأيا كان المبرر لاستخدام هذا المصطلح المستجد فان معناه يوحي وكان هناك درجات أخرى للإسلام غير وسطية أو أن هناك إسلاما آخر وهو بالضرورة في حالة كهذه متطرف باتجاه الغلو أو التساهل وهذا بطبيعة الحال ما هو مجاف تماما للصواب وأي مسلم عادي يعي ويدرك أن هناك إسلاما واحدا وان الإسلام كما يعرفه وتعلمه هو دين من خصائصه الوسطية والاعتدال في عقيدته بنبذها للغلو والتفريط كما هو حال الديانات الأخرى المحرفة وفي عباداته المفروضة التي تلبي حاجات النفس البشرية الروحية وتراعي متطلبات الجسد المادية بتوازن فلا يحمل المسلم منها ما لا يطيق وبدعوته للمسلم للاعتدال في مأكله ومشربه وإنفاقه بالابتعاد عن البخل وعدم الإسراف والتبذير وفي مطالبته له بان يكون معتدلا حتى في مشاعره فلا يبالغ في حبه أو بغضه للآخرين. إذن فوسطية الإسلام أمر قائم ولكن بمعناها الشامل كما ارتضاه من انزل هذا الدين في كل أموره وليست الوسطية بتقديرنا نحن البشر لنفسرها كما نشاء بمعنى أن ننتقي ما نراه سهلا أو وسطا ونطبقه ونترك ما نجده متشددا من أحكام الإسلام لأننا نراه صعبا فليس هذا هو المقصود بالوسطية على الإطلاق وإنما هي خاصية من خصائص هذا الدين الإلهي بكل ما فيه من عقيدة وعبادات وأحكام وحلال وحرام جاء به القران الكريم وسنة رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم. وبهذا المعنى لوسطية الإسلام فلا مكان –من وجهة نظري- لما يسمى بالإسلام الوسطي أو المتشدد أو المتساهل وإنما هناك إسلام واحد يطبق بكل ما جاء فيه مع مراعاة تكيف بعض فروعه وجزئياته لتلاءم الزمان والمكان كما يقرها من هو أهل لذلك من علمائه المتمكنين وليس غيرهم لأنه انزل ليكون للناس كافة وصالح لكل زمان ومكان. إن كان بعض المسلمين يوصفون بأنهم متشددين أو مفرطين أو معتدلين وفقا لاختلافاتهم في تفسير بعض فروع هذا الدين فان هذه الصفات تبقى خاصة بالبشر سواء اخطات ام أصابت ولا يجوز إطلاقها على هذا الدين العظيم والواجب على المسلمين أن ينأوا بأنفسهم عن استخدام مصطلحات مبتدعة وغير دقيقة بل حتى إنها قد تكون مضللة لوصف اعز ما يملكون. عاهد علي الخطيب جامعة الملك سعود-الرياض