اعترف نواف الشيخ فارس، سفير سوريا السابق لدى العراق بأنه شخصياً ساعد النظام في سوريا على إرسال "الوحدات الجهادية" لمقاتلة القوات الأمريكية في العراق خلال السنوات التي أعقبت غزو تلك البلاد والإطاحة برئيسها السابق صدام حسين في عام 2003. وكشف السفير المنشق في مقابلة مع صحيفة "الصنداي تلجراف" البريطانية نشرت اليوم الأحد، الأسباب التي دفعته إلى الانشقاق قبل أيام عن نظام بشار الأسد. وقال فارس: "بعد غزو العراق في عام 2003، بدأ النظام في سوريا يشعر بالخطر، فشرع في التخطيط لإزعاج القوات الأمريكية داخل العراق، وشكل تحالفاً مع القاعدة". وأضاف: "لقد تشجع كل العرب والأجانب الآخرون للذهاب إلى العراق عبر سوريا، وكانت الحكومة السورية تسهل لهم الحركة". أما عن دوره هو في تلك العمليات، فيقول: "كمحافظ في ذلك الوقت، صدرت لي تعليمات شفهية بتسهيل مهمة أي موظف مدني يريد الذهاب إلى العراق، وأنه سيتم التغاضي عن تغيبه"، مشيراً إلى أنه يعرف شخصياً العديد من "ضباط الارتباط" مع تنظيم القاعدة. وأردف الدبلوماسي السوري أن تلك "الوحدات الجهادية"، التي نفذت سلسلة هجمات انتحارية في العراق، هي المسؤولة أيضاً عن تنفيذ هجمات مشابهة في أنحاء متفرقة من سوريا خلال الأشهر الأخيرة من الانتفاضة الشعبية التي بدأت ضد نظام الأسد في 15 مارس من عام 2011. وأوضح فارس، الذي أجرت اللقاء معه مراسلة "الصنداي تلجراف" في بيروت، راث شيرلوك عبر الهاتف من مقر إقامته الجديد في العاصمة القطرية الدوحة التي لجأ إليها إثر انشقاقه، أن تلك الهجمات وغيرها من الحوادث الدموية التي شهدتها سوريا مؤخراً، هي التي حدت به إلى الابتعاد تدريجياً عن النظام حتى لحظة إعلان انشقاقه عنه في الحادي عشر من الشهر الجاري. ومضي إلى القول: "حاولت الدولة في بداية الثورة إقناع الشعب بأن الإصلاحات ستبدأ حالاً وقد عشنا على ذلك الأمل لفترة.. ولكن، بعد أشهر عدة، أصبح من الواضح بالنسبة لي أن وعود الإصلاح تلك كانت مجرد أكاذيب". وقال: "عندئذ اتخذت قراري، لقد شاهدت المجازر تُرتكب، وما كان بإمكان إنسان أن يتصالح مع نفسه ويبقى في موقعه بعد أن رأى ما رأيت وعرف ما عرفت". وكرر فارس في اللقاء، الاتهامات التي وجهتها المعارضة السورية لنظام الأسد مثل تدبير التفجيرات والمذابح التي شهدتها البلاد مؤخراً، الأمر الذي دأبت الحكومة السورية على نفي ضلوعها فيه جملة وتفصيلاً، وما زالت تلقي باللائمة في كل تلك الأحداث الدموية على تنظيم القاعدة والمعارضة السورية المسلحة. وعن تمكنه من ترتيب أمر انشقاقه دون علم النظام بذلك، قال فارس إنه بدأ أولاً بإخراج أفراد أسرته جميعاً خارج سوريا، قبل أن تقوم المعارضة السورية بتهريبه هو، إذ واظب على عمله للتمويه حتى آخر لحظة، مدركاً أن كافة مكالماته الهاتفية، كانت تخضع لرقابة دقيقة كدبلوماسي. وعن عواقب انشقاقه يقول فارس: إن العديد من أبناء عمومته وأقربائه من عشيرة العكيدات، التي ينتمي إليها، وتتركز بشكل أساسي في محافظة دير الزور الواقعة شرقي البلاد وفي المناطق الحدودية بين سوريا والعراق، قد تم استجوابهم من قبل الاستخبارات السورية، وبالتالي اضطروا للتواري عن الأنظار بعد ذلك. أما القشة التي قصمت ظهر البعير، وجعلته يقفز من السفينة، كما يقول فارس، فهي ما رآه خلال زيارته الأخيرة إلى محافظته دير الزور، قبل نحو شهر واحد من انشقاقه، إذ يقول: "كان هناك خراب هائل، وسقط آلاف البشر قتلى، والعديد منهم من عشيرتي. كانت الحياة في المدينة شبه معدومة، وقد انفطر فؤادي لما رأيته، إذ كان الأمر مأساوياً إلى درجة لا يمكن تصديقها".