ناشد اليوم مسلمو إقليم أراكان في بورما "ميانمار" الدول الإسلامية والمجتمع الدولي إنقاذهم من الإبادة العنيفة التي يتعرضون لها من جماعات بوذية متطرفة. وتحدّثت تقارير صحفية متطابقة عن مقتل نحو 81 من المسلمين من جرّاء أعمال عنف طائفيّة، شهدها إقليم "أراكان" غرب ميانمار أوائل شهر يونيو الجاري، فيما نزح نحو 90 ألفاً آخرين خارج البلاد، بحسب الأممالمتحدة.
وطالب سكان أراكان جميع الدول، خاصة الإسلامية، باتخاذ موقف لما يتعرضون له، حتى أن غالبيتهم باتوا يختبئون في مواقع بعيدة، والكثيرون هجروا أراضيهم ومنازلهم مع أطفالهم، ولا يعلمون إلى أين يتجهون؛ حيث تُشَنّ ضدهم أبشع حملة إبادة من جماعة "الماغ" البوذية المتطرفة، التي قتلت عدداً كبيراً من المسلمين، لا يمكن إحصاؤه، وما زالوا يطاردون المسلمين، ويحرقون منازلهم وقراهم.
وقد ندَّد شيخ الأزهر أحمد الطيب، في بيان أصدره اليوم الخميس، ب"حملات الإبادة" والترويع التي يتعرّض لها مسلمو إقليم "أراكان" المسلم، من حملات القتل والتشريد والاضطهاد، إضافة إلى تهجيرهم وتدمير منازلهم وممتلكاتهم ومساجدهم، على يد الجماعة البوذيّة المتطرفة "الماغ"، بدعم من الأنظمة البوذيّة الديكتاتوريّة في بورما.
وأوضح الطيب أن أعمال القتل التي يتعرّض لها المسلمون في بورما تتنافى مع كل الأديان السماويّة، والقيم الإنسانيّة، وحقوق الإنسان التي أقرتها سائر المبادئ والاتفاقيات الدوليّة.
وطالب شيخ الأزهر بضرورة تدخل حكومات العالمَيْن العربي والإسلامي، وكل القوى المحبّة للسلام في العالم؛ من أجل تقديم جميع أشكال الدعم لمسلمي بورما؛ لمنحهم حقوق المواطنة كاملة، وتمكينهم من العيش على أراضيهم في أمن وسلام.
وفي عام 1942 تعرّض المسلمون في بورما لمذبحة كبرى على يد البوذيين "الماغ"، راح ضحيتها أكثر من مئة ألف مسلم، وشُرِّد مئات الآلاف.
ويبلغ عدد سكان بورما أكثر من 50 مليون نسمة، 20% منهم مسلمون، يتركز نصفهم في إقليم أراكان، الذي يوجد فيه أغلبية مسلمة.
ويأمل مسلمو بورما من الإعلام الإسلامي والعالمي تسليط الضوء على معاناتهم، ونقل الصور للعالم أجمع للمذابح الجماعية التي يتعرضون لها دون أن يتمكنوا من الدفاع عن نفسهم أو يساعدهم أحد.
وقالوا إن الكثير من البوذيين يطلبون من المسلمين ترك الإسلام والتحوُّل للبوذية، وهو الطريق الوحيد للنجاة من القتل، لكن الغالبية تفضل الموت عن ترك الإسلام، إلا أن البعض اضطر من أجل أطفاله الصغار إلى اعتناق البوذية؛ حتى يضمن على أقل تقدير عدم تعرضهم للقتل.
يُشار إلى أن المسلمين في بورما ممنوعون من مواصلة التعليم في الكليات والجامعات إمعاناً في نشر الأمية، وتحجيمهم، وإفقار مجتمعاتهم، ومن يذهب للخارج يُطوى قيده من سجلات القرية، ومن ثم يُعتقل عند عودته، ويُرمى به في السجون، إضافة إلى حرمانهم من الوظائف الحكومية مهما كان تأهيلهم، حتى الذين كانوا يعملون منذ حقبة الاستعمار أو القدماء في الوظائف أُجبروا على الاستقالة أو الفصل التعسفي.
ويُضاف إلى ذلك منعهم من السفر إلى الخارج حتى لأداء فريضة الحج، إلا إلى بنجلاديش، ولمدة يسيرة.
ويُعتبر سفرهم إلى عاصمة الدولة "رانغون" أو أية مدينة أخرى جريمة يعاقَبون عليها، وكذا عاصمة الإقليم والميناء الوحيد فيه مدينة "أكياب"، بل يُمنع التنقل من قرية إلى أخرى إلا بعد الحصول على تصريح.
كما لا يُسمح للمسلمين باستضافة أحد في بيوتهم، ولو كانوا أشقاء أو أقارب، إلا بإذن مسبق!! أما المبيت فيُمنع منعاً باتاً، ويُعتبر جريمة كبرى يُعاقَب مرتكبها بهدم منزله أو اعتقاله أو طرده من البلاد هو وأسرته!! كما تُفرض عقوبات اقتصادية مثل: الضرائب الباهظة في كل شيء، والغرامات المالية، ومنع بيع المحاصيل إلا للعسكر، أو من يمثلهم، وبسعر زهيد؛ لإبقائهم في فقرهم المدقع، أو لإجبارهم على ترك أراضيهم وممتلكاتهم.