منح قرار مصر، أكبر مستورد للقمح في العالم، رفع سعر شراء القمح المحلي فرصة ذهبية للبعض للاحتيال وتمرير قمح أجنبي رخيص على أنه مزروع محلياً، والتربح على حساب الدولة. وأقر تجار ومسؤول حكومي بأنه رغم الجهود المبذولة للتأكد من أن القمح الذي تشتريه الدولة مزروع محلياً فإن مشكلة دس قمح مستورد للاستفادة من فارق السعر ستستمر بل قد تتفاقم هذا العام مع ارتفاع السعر. وقال تاجر: "في الواقع يحدث ذلك كل عام، وبصورة أكبر هذا العام؛ لأن الفارق كبيراً بين سعر القمح المستورد والمحلي". وأضاف قائلاً: "قد يكون قمحاً أوكرانيا أو روسياً أو أرجنتينياً، لكن أغلبه أوكراني هذا العام". وتنبع المشكلة من حقيقة أن مشتريات الدولة من القمح المحلي ما زالت منتعشة رغم أن نقصاً في وقود الديزل المستخدَم لتشغيل ماكينات الزراعة منذ بداية العام من المفترض أن يؤثر في الإنتاج المحلي. وقالت وزارة التموين الأسبوع الماضي إن مصر اشترت 1.1 مليون طن من القمح المحلي في موسم 2011-2012 حتى الآن على الرغم من نقص وقود الديزل. وارتفعت المشتريات المحلية في 2011 إلى 2.6 مليون طن من 2.1 مليون طن قبل عام. وقررت مصر في أكتوبر رفع السعر الذي تدفعه لشراء القمح المحلي إلى 380 جنيهاً (63.60 دولار) للأردب من 350 جنيهاً في الموسم الماضي. وقال تجار إنه ربما تم استيراد قمح من مناشئ عدة منذ ذلك الحين لبيعه إلى الحكومة بربح يبلغ نحو 100 دولار للطن. ويستخدم القمح الذي تشتريه الحكومة في صناعة الخبز المدعم. وقال تاجر آخر إن كمية القمح المستورد الذي ستشتريه مصر على أنه قمح محلي قد تصل إلى 700 ألف طن. وأضاف قائلاً: "تنتج مصر في العادة بين 2.3-2.4 مليون طن من القمح. في آخر عامين أو ثلاثة كنا نشتري نحو ثلاثة ملايين طن؛ لذا يمكنك تقدير الكمية الدخيلة". وقال: "تقديري الشخصي (لكمية القمح المستورد الذي يُباع على أنه محلي) هو 300 ألف إلى 400 ألف طن على الأقل، وربما تصل إلى 600-700 ألف طن". وأوضح مسؤول بوزارة التموين والتجارة الداخلية، طلب عدم نشر اسمه، خطوات سيجري اتخاذها لمكافحة التهريب الداخلي، لكنه أقرّ بأنه سيكون من الصعب القضاء عليه. وقال المسؤول "بالطبع أتوقع أن يحدث تهريب؛ فهذا يحدث منذ سنوات، ولا يوجد سبب لعدم حدوثه هذا العام". وأضاف المسؤول بأن الحكومة حاولت السيطرة على المزاعم المثيرة للشك بسُبل عدة، منها شن حملات على صغار المزارعين الذين يبيعون كميات مبالغ فيها من القمح. وقال: "عندما نشتري القمح من المزارعين الآن نطلب منهم تقديم مستندات تثبت حجم حيازاتهم من الأرض". وقال تجار إن الأرباح تُقسَّم على المستوردين والمزارعين وأطراف أخرى في سلسلة التوريد. ومن المتوقع وفق بيانات لوزارة الزراعة الأمريكية أن تستهلك مصر 18.9 مليون طن من القمح في 2011-2012 ارتفاعاً من 17.9 مليون طن في الموسم السابق.