تبدأ فرنسا اليوم تطبيق قانون حظر ارتداء الحجاب الإسلامي الكامل (النقاب أو البرقع) في الأماكن العامة، تحت طائلة دفع غرامة، لتصبح بذلك أول بلد أوروبي يقدم على مثل هذا الحظر العام. وهذا القانون الذي أقره البرلمان في 11 أكتوبر 2010 بعد نقاش صاخب، يستهدف نحو 2000 امرأة في بلد يعيش فيه، بحسب التقديرات، ما بين أربعة ملايين وستة ملايين مسلم. وبذلك بات محظوراً، تحت طائلة دفع غرامة مالية، إخفاء الوجه بحجاب أو خوذة أو قناع، في كل الأماكن العامة، أي الشوارع والحدائق العامة ومحطات النقل المشترك والمتاجر. ولا يحق لقوى الأمن أن تنزع الحجاب عن وجوه النساء اللواتي يخرقن هذا الحظر، لكن هؤلاء النسوة يعرضن أنفسهن لعقوبة دفع غرامة تصل إلى 150 يورو، أو تلقي دروساً في المواطنة. من جهة أخرى، يتعرض الرجال الذين يرغمون امرأة على ارتداء الحجاب للسجن سنة ودفع 30 ألف يورو غرامة. وتتضاعف العقوبة (السجن سنتين و 60 ألف يورو غرامة) إذا كانت الفتاة التي تُرغَم على ارتداء الحجاب قاصراً. ويأتي البدء بتطبيق هذا التشريع الجديد في خضم عودة النقاش حول العلاقة بين الإسلام والعلمانية إلى مقدمة الواجهة السياسية قبل عام واحد من الانتخابات الرئاسية في 2012 التي تتزايد فيها حظوظ الجبهة الوطنية (يمين متطرف) ومرشحتها مارين لوبن في الانتقال للدورة الثانية. وكان الرئيس نيكولا ساركوزي قال في يونيو 2009: إن النقاب لن يكون "مُرحباً به في أراضي الجمهورية" ورأى فيه "مؤشراً على الاستعباد وليس قضية دينية". ويعارض الكثير من المسلمين هذا القانون ويتهمونه باستهداف طائفة بأسرها. ولكن المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، الذي يمثل الإسلام في فرنسا، اعتبر أن "النقاب نتاج قراءة متطرفة ومغرقة في حرفيتها للقرآن، وليس فريضة دينية". ومن المقرر تنظيم تظاهرة، اليوم الاثنين، أمام كاتدرائية نوتردام في باريس للتنديد بهذا القانون، وذلك بعد يومين من اعتقال الشرطة 61 شخصاً كانوا يشاركون في تظاهرة غير مرخصة في باريس احتجاجاً على حظر ارتداء النقاب. وفي السياق ذاته، أعلن رجل الأعمال الفرنسي رشيد نكاز عزمه بيع مبنى في المزاد العلني من أجل تمويل دفع الغرامات التي ستفرض اعتباراً من اليوم على النساء اللواتي يرتدين الحجاب الإسلامي الكامل (النقاب أو البرقع) في الأماكن العامة. وقال نكاز الجزائري الأصل لوكالة فرانس برس: "لقد قررت عرض مبنى في شوازي لوروا (المنطقة الباريسية) للبيع في مزاد علني على الإنترنت مساء الاثنين، وهو مبنى أملكه مع زوجتي، وهي أمريكية كاثوليكية، من أجل تسديد الغرامات عن النساء اللواتي يرتدين بإرادتهن النقاب في الشارع". ودعت منظمة "لا تمس دستوري" التي تضم 750 عضواً إلى تظاهرة صامتة صباح الاثنين أمام كاتدرائية نوتردام في باريس احتجاجاً على قانون حظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة الذي دخل حيز التنفيذ اليوم. وأضاف نكاز: "أنا شخصياً ضد النقاب" مشيراً إلى أنه كان يفضل قانوناً يحظر ارتداء النقاب "في الأماكن العامة المغلقة كالإدارات العامة والمصارف والمراكز التجارية والمدارس".