من فكرة أولية بسيطة إلى ابتكار إبداعي يحرز أعلى الجوائز في المعارض الدولية، ومن رؤية عابرة تعالج مشكلة إلى نموذج مبهر ينال الميداليات والجوائز، هكذا باختصار هي رحلة ابتكار الطالبة بجامعة الملك سعود، وفاء راشد الذواد، ورحلتها معه، ولكن بين البداية الماضية والإنجاز الحاضر تمر المسيرة بمحطات كثيرة تستحق الوقوف، لتكشف عن عقول وطنية تفكر وتبتكر وتبدع، وتكشف عن أيد وطنية تدعم وتساعد وتمضي بابتكارات أبناء الوطن من المحلية إلى العالمية. في البدء كانت المشكلة، والحرائق التي يستحيل التعامل معها عن قرب في الغابات وآبار النفط وغيرها، أو يستحيل أخذ الاحتياط الدائم منها سواء في وجود أهل المنزل أو بدون وجودهم، لتخرج الفكرة مبسطة في "كرة الإطفاء"، التي كانت في نموذج أولي شاركت به الطالبة "وفاء الذواد" من كلية إدارة الأعمال، وذلك في معرض ابتكار 2010، لتفوز بالجائزة الفضية على مشاركتها. وتبنى مركز الابتكار بالجامعة هذا الابتكار وتطويره بعد أن فاز كذلك في مسابقة مركز الابتكار الأولى لدعم المبتكرين، وبعد أن شاهد فيه الجودة والإبداع والتميز، فكانت الخطوة الأولى في تطوير الابتكار والتعديل عليه، ويحدثنا عنها المشرف على الابتكار، المهندس علي عصيدان، قائلاً: "في بداية الأمر كان الابتكار بنموذجه البسيط لا يمكن تطبيقه أو صناعته، وبدعم من مركز الابتكار تم تشكيل فريق عمل للبحث حول آليات إخراج هذا الابتكار للواقع بصورة عملية، وتم الكثير من المناقشات واللقاءات بين أعضاء الفريق بشكل دوري، مع إبداء الملاحظات التي تساعد في نجاح هذه الفكرة، والبحث أيضاً عن سبل تطويره حتى تم التوصل إلى نموذج قابل للتصنيع مع وجود الخطوة الابتكارية فيه، ومن ثم بدأنا مرحلة التصنيع؛ وبتوفيق الله حصلنا على نموذج أولي من هذا الابتكار، وتم عمل تجربة على أرض الواقع، ونجحت في أداء مهمتها بشكل كامل". وبعد ذلك أودعت جامعة الملك سعود، ممثلة ببرنامج الملكية الفكرية وترخيص التقنية، بشأنه طلب براءة اختراع في مكتب البراءات الأمريكي، وبعدها شارك الابتكار في المعارض الدولية للابتكار، وانتقل للعالمية في المنافسة والتحدي، وعن هذه المرحلة تحدثنا الطالبة المبتكرة وفاء الذواد فتقول: "كانت تجربة المشاركة في معرض بريطانيا الدولي للابتكار 2011م التي ترشحت لها عن طريق مركز الابتكار بجامعة الملك سعود هي التجربة الأولى عالمياً، ولا شك أن اجتماع المبتكرين من عدد مختلف من دول العالم في مساحة واحدة، وتنافسهم على الجوائز المقدمة، كل ذلك يعطي المبتكر ثراءً إبداعياً، ويطلعه على طرق التفكير المختلفة لعلاج المشاكل القائمة بطرق ابتكارية". وأضافت الذواد: "كان فوزي بالميدالية الذهبية في هذا المعرض دافعاً قوياً للمشاركة في معارض أخرى، حيت تم ترشيح ابتكاري بعدها للمنافسة في معرض ماليزيا الدولي للابتكار والاختراع 2012، وحصل -بحمد الله- على الميدالية الفضية في معرض يعد من أكبر المعارض العالمية في مجال الابتكارات، وبكل هذا النجاح المتحقق سنمضي بمشيئة الله في تطوير الابتكار وإضافة المزيد من التعديلات والاقتراحات، مع رفع الشكر لمركز الابتكار على دعمهم وحرصهم وتشجيعهم في إظهار نجاحات وإبداعات طلاب وطالبات جامعة الملك سعود". من جانبه، قال مشرف مركز الابتكار، الدكتور نايف العجلان: "المركز لا يألو جهداً في دعم وتشجيع الابتكارات المتميزة، وقد جعل من أهدافه أن يأخذ بيد المبتكرين ليجعل من أفكارهم الإبداعية واقعاً ملموساً، ولا يقف معهم عند ذلك، بل يحفزهم على التطوير في ابتكاراتهم، وقد دعم خلال العام الماضي 97 ابتكاراً بطرق مختلفة من الدعم، وبتوجيه من معالي مدير الجامعة الدكتور عبدالله العثمان وسعادة وكيل الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي الدكتور علي الغامدي، سيمضي -إن شاء الله- على هذا النهج في نشر ثقافة الابتكار في المجتمع، والاستثمار في عقول أبناء الوطن لخلق اقتصاد معرفي، والانتقال بالمجتمع من استهلاك التقنية إلى المساهمة في إنتاجها والإبداع فيها".