تشهد إجازة الربيع هذا العام إقبالاً كبيراً على السياحة الداخلية، بعدما قلصت أحداث الربيع العربي وجهات السائحين، وحدّت من سفر السعوديين إلى دول الجوار، خاصةً مصر وسوريا وتونس ولبنان. وأبدى مواطنون التقتهم "سبق" في جدةوالطائف تذمّرهم من ارتفاع الإيجارات على نحوٍ مبالغٍ فيه، حيث وصلت في مواقع بمدينة جدة إلى 100 % عن العام الماضي للفترة نفسها.
وعزا أصحاب شقق مفروشة الارتفاع، إلى زيادة الطلب على شققهم مقارنة بالفنادق ذات الأسعار المرتفعة، في وقتٍ تعاني فيه جدة أزمة إسكان. جدة غير حظيت مدينة جدة بالنصيب الأكبر من الحضور، حيث فضّل عديد من الأُسَر من المنطقة الشرقية الانتقال إلى مدينة جدة لقضاء إجازة الربيع. وقال فهد الحارثي، موظف في "الجوازات": كنت أسافر إلى مصر في الإجازات، إلا أنه بعد الأحداث الأخيرة قررت أن أغيّر وجهتي إلى مدينة جدة لقضاء إجازة الربيع، مضيفاً أن جدة من أكثر المدن إقبالاً داخل المملكة؛ نظراً لجوها الممتاز وكثرة المنتجعات والأماكن السياحية التي تُسعد الأُسَر. وعن رأيه في المهرجانات التي تُقام في إجازة الربيع، قال: هناك مبالغ طائلة تُصرف على المهرجانات بشكلٍ مبالغ فيه. وتابع: أنوي كل عام أن أنتقل من مدينة إلى أخرى؛ لاكتشاف السياحة الداخلية المفقودة داخلياً بدلاً من السفر للخارج. تقلبات الجو وقالت أمل عبد العزيز موظفة في أحد البنوك: إن المهرجانات تساعد بشكل كبير على خلق جو أسري سعيد، وزيادة أواصر الرحم بين الأُسَر، حيث تجتمع الأُسَر للسفر إلى الأماكن السياحية المميزة داخل المملكة، وحضور الاحتفالات والمهرجانات.
من جانبها، رأت أم أحمد من جدة أن الأجواء هذه الأيام لا تشجع على السياحة الداخلية وهناك تقلبات كثيرة فيه، ما جعلنا نفكر جدياً في السفر إلى دبي خوفاً من موجة غبار أخرى تلزمنا المنزل. وعن رأيها في المهرجانات الداخلية، قالت: "حضرت العام الماضي إجازة الربيع في جازان حيث التراث الشعبي والأصالة والثقافة واستمتعت جداً هناك". وكشف أحد العاملين في قطاع الإيواء في جدة ويدعى عادل الغامدي، عن وصول نسبة الإشغال في اليومين الأول والثاني من الإجازة إلى 95% ، وارتفعت النسبة في قطاع الشقق المفروشة إلى نسبة 100%. فقرات للأطفال وأبدى أحد المعلمين ويدعى بندر الثبيتي سعادته بالمهرجانات، وحرصه على حضورها، قائلاً: أحرص كل عام على حضور مهرجان الربيع بالطائف، وألاحظ فيه تطوراً وتنوعاً كل عام، وتعيش فيه الأُسْرة أجواء عائلية ترفيهية، بيد أن طفلي الصغير أحياناً يشعر بالملل، حيث يفضل دائماً الفعاليات التي تناسب عمره ذات المرح والانطلاق، متمنياً أن تشمل فعاليات المهرجان فقرات أكثر للأطفال؛ لأنهم أبطال هذه الإجازة. فعاليات المولات وتمنى المعلم طلال الثقفي أن تفعَّل مهرجانات الربيع في المراكز التجارية؛ لأن أغلبية الأُسَر تذهب إليها بالإجازة، موضحاً أن أغلبية فعاليات المولات عادة ما تهتم ببرامج التوعية الصحية، وتغفل الجانب الترفيهي، آملاً أن تركز هذه الفعاليات على الطفل. الحاضر الغائب وأعربت طالبة في جامعة الملك عبد العزيز وتدعى تهاني المالكي، عن أملها بأن تخصِّص هذه المهرجانات مساحة للفتيات، يعبّرن فيها عن رأيهن ومواهبهن، بعيداً عن الشكل التقليدي الذي يهتم بالعائلات، ويغفل الشابات. واصفة مشاركة الفتيات في هذه الفعاليات ب "الحاضر الغائب". وطالب الشاب أحمد عثمان، بأن تكون هناك فعاليات أكثر للشباب، وقال: أتمنى أن أجد في المهرجانات أعمالاً خاصة بقطاع الشباب كسباق الراليات والسيارات المتوحشة، وغيرها من الألعاب الجاذبة للشباب. تنوُّع وسائل الترفيه وفضَّلت دانية السعيدي أم لطفلين، قضاء إجازة الربيع في الخارج، وقالت ل "سبق": نظراً للتغيرات المناخية الطارئة التي عاشتها المملكة الفترة الماضية، قرَّرتُ السفر لإحدى الدول العربية، حيث اعتدال الجو، وتنوع وسائل الترفيه التي يحتاج إليها الشخص للخروج من دوامة العمل والضغوط الاجتماعية. وأكد ل "سبق" أحد العاملين في مكاتب السفر عماد عبد الرحمن، تراجع نسبة السفر إلى خارج المملكة 40% عن الأعوام الماضية. تنظيم المهرجان وأفاد محافظ الطائف ورئيس مجلس التنمية السياحية فهد بن معمر، أنه للسنة السادسة على التوالي افتُتح مهرجان الربيع في منطقة البهيتة بين مكةوالطائف يوم الثلاثاء الماضي، حيث الغابات والأشجار والمنتجعات. وأوضح أن مهرجان الطائف يشتمل على مهرجان فني وخطابي وفنون شعبية، وهناك معرض أُسَر منتجة ورحلات برية للاستمتاع بأجواء الربيع، والإقامة في الخيام. وأضاف أن هناك تفاعلاً إيجابياً من الأُسَر ورغبة في حضور المهرجانات والتفاعل داخلها، كما أن هناك أماكن للعائلات وأماكن للشباب، مفيداً بأن هناك عديداً من المطالبات جاءت من الشباب، منها سباق الراليات والسيارات المتوحشة والفنون الشعبية التراثية، وسوف يتم تفعيلها العام القادم. وحول تنظيم المهرجان، قال: هناك اعتماد صريح للمهرجان من قِبل المحافظة، ولا تتدخل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيه، فكل شيء منظَّم ومرتب، مضيفاً أنه لا رقابة من الهيئة داخل المنتجعات، كما أن صلاحيتها محدودة للغاية، ولا يحضر أفرادها إلا بعد استدعائهم. وأضاف أن الطائف مصيفٌ لأبناء الوطن والدول الخليجية، والتوسع في المنتجعات القائمة وتطويرها ينعكس بشكل إيجابي على الفنادق والخدمات المقدمة بها؛ ما يدر عائداً اقتصادياً مميزاً. ورأى أن مثل هذه المهرجانات تخلق فرص عمل للشباب السعودي، وتسهم في تحسين أدائهم في تقديم الخدمات الفندقية واستقبال الضيوف. الالتزام بالضوابط وقال مدير المركز الإعلامي في الهيئة العامة للسياحة والآثار ماجد الشدي: إن الهيئة تنسق مع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتنظيم المهرجانات، حيث تكون ملتزمة بالضوابط والأنظمة، وقد تُوّج هذا التنسيق بتوقيع اتفاقية للتعامل فيما بينهما، أسوة بالمنهج الذي تلتزمه هيئة السياحة والآثار في التنسيق مع جميع مؤسسات الدولة والقطاع الخاص في المناطق. وأضاف أن هيئة السياحة تقوم بضبط المخالفات من خلال تكثيف زياراتها الميدانية لمرافق الإيواء السياحي طوال العام، ووضع رقم مجاني "8007550000" لتلقي الشكاوى والملاحظات، خاصة قبل الموسم وخلاله؛ لضبط مخالفي اشتراطات التراخيص والتسعيرة، وإصدار عقوبات قد تصل في بعض الأحيان إلى الإغلاق لمخالفي اشتراطات ترخيص التشغيل. وأشار إلى أن نسبة إسهام القطاع السياحي في الناتج المحلي - حسب إحصاءات مركز المعلومات والأبحاث السياحية "ماس" - بلغت 2.7%، ويوفر القطاع 6.4% من إجمالي الفرص الوظيفية في القطاع الخاص في المملكة، وهذه الأرقام مرشحة للزيادة بالنظر إلى فرص النمو التي يمكن أن يحققها القطاع السياحي الداخلي، في حال تم دعم المشاريع الكبرى، وتهيئة البنى التحتية التي تكفل تطور هذا القطاع، وترفع تنافسية المواقع السياحية بما يتواءم مع مستويات الخدمة التي ينشدها السياح المحليون الذين تركز الهيئة في جميع أنشطتها عليهم.