وافق الرئيس الأمريكي باراك أوباما، اليوم، على استقالة قائد القوات الأمريكية في أفغانستان، الجنرال ستانلي ماكريستال، على خلفية قضية "تهكم" أكبر مسؤول عسكري في الدولة الآسيوية المضطربة، من مسؤولين بالإدارة الأمريكية، من بينهم نائب الرئيس جو بايدن. وقال الرئيس أوباما، في خطاب مقتضب وجهه من البيت الأبيض، وكان يقف إلى جانبه نائبه بايدن: إنه "قرر إسناد مهمة قيادة الجيش الأمريكي في أفغانستان إلى قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال ديفيد بتريوس". وفيما وجَّه أوباما الشكر للجنرال ماكريستال، فقد تضمن الخطاب انتقادات ضمنية للمسؤول العسكري السابق، حيث أشار إلى التعليقات الصادرة عن الأخير، واعتبرها تصرفاً لا يرقى إلى مستوى مسؤول رفيع بمثل منصبه. كما أكد الرئيس الأمريكي، أن إسناد مهام ماكريستال إلى الجنرال بتريوس هو فقط تغيير في أسماء الأشخاص، ولا يعني أي تغيير في الإستراتيجية العسكرية الأمريكية في أفغانستان. وكان مصدر مطلع في وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، قد رجح استقالة ماكريستال، قائد قوات التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا ومهندس إستراتيجية أوباما في أفغانستان، على خلفية تعليقات ساخرة أدلى بها لمجلة "رولينغ ستون"، وأثارت غضب المسؤولين في واشنطن. وكشفت تلك التعليقات، في الوقت ذاته، انقساماً في الإدارة الأمريكية بشأن ذلك البلد الذي تخوض فيه القوات الدولية حرباَ ضد طالبان والقاعدة منذ قرابة تسعة أعوام. وانتقد السكرتير الصحفي للبيت الأبيض، روبرت غيبس، ماكريستال، قائلاً: إن "حجم وخطورة الخطأ الذي ارتكبه كان جسيماً". ورفض غيبس التكهن بشأن مصير ماكريستال، الذي استدعي الثلاثاء إلى واشنطن لتقديم استفسارات، غير أنه صرح للصحفيين في الموجز الصحفي بالبيت الأبيض بأن "الخيارات كافة مطروحة". وأعلن الرئيس الأمريكي، الثلاثاء، أنه لم يتخذ قراراً بعد بشأن الجنرال، ونوَّه: "يبدو واضحاً أنه وفريقه أبديا سوء حكمة، لكن أريد أيضاً ضمان التحدث إليه مباشرة قبل اتخاذ قراري الأخير". وبدوره قال وزير الدفاع، روبرت غيتس: "إن أعلى مسؤول عسكري أمريكي في أفغانستان ارتكب خطأ فادحاً وسوء تقدير". وقدم ماكريستال اعتذاراً عن تعليقاته، كما أقال أحد مساعديه المسؤولين عن الإعلام بشأن المقابلة، التي من المتوقع أن تنشر الجمعة. واعتذر المسؤول العسكري في بيان صدر من البنتاغون، جاء فيه: "إنه خطأ يعكس سوء تقدير، وكان ينبغي ألا يحدث أبداً". ونقل مصدر مطلع في البنتاغون لCNN، أن ماكريستال مستعد للتنحي طالما فقد أوباما الثقة فيه، علماً أنه لم يشارك في اجتماع عقد عبر الدوائر التلفزيونية المغلقة، الثلاثاء، بين الرئيس الأمريكي ونظيره الأفغاني، حميد كرزاي، وكبار المسؤولين. وقد تعكس سخرية ماكريستال من جو بايدن، انقسام الإدارة الأمريكية بشأن الحرب، التي تخوضها الولاياتالمتحدة في أفغانستان، وبعد رفض الأول إستراتيجية لمكافحة الإرهاب تقدم بها نائب الرئيس. وبحسب المقابلة، لم ينتقد الجنرال الرئيس أوباما، غير أنه لفت إلى أنه يعتقد أن الرئيس "يبدو غير مرتاح، ومرعوباً في غرفة مكتظة بكبار المسؤولين العسكريين"، وفق المقابلة. وتقول مقالة "رولينغ ستون": "إن ماكريستال شخصية نجحت في استفزاز المشرفين كافة على الحرب الأفغانية، من بينهم سفير أمريكا لدى كابول، كارل إيكنبري، والمندوب الأمريكي الخاص لأفغانستان، ريتشارد هولبروك، ومستشار الأمن القومي، جيم جونز، فيما لم يسم أوباما ضمن نطاق "فريق خصومه". وينادي العديد من المشرعين بإقالة ماكريستال، من بينهم السيناتور بايرون دورغان، والسيناتور كارل ليفين، رئيس لجنة الخدمات المسلحة بمجلس الشيوخ. وقال محللون: "إن التصريحات تكشف عمق انقسام إدارة واشنطن بشأن الحرب، فماكريستال وطاقمه، كانوا على علم تام بالجدل الذي ستثيره المقابلة قبيل نشرها". وعيَّن الرئيس الأمريكي ماكريستال لقيادة الحرب التي دشنتها الإدارة السابقة ضد الإرهاب في أفغانستان بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، عام 2009، بعد إقالة الجنرال ديفيد ماكيرنان.