كشفت حملة السكينة على الإنترنت (تحت إشراف وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد)، أن التنظيمات المتطرفة الآن في مرحلة إعادة صياغة وترتيب لأولوياتها، وهذا انعكس على وضعها في الإنترنت، فهناك انقسامات داخلية وخلافات، وفي المقابل انتشار كبير في بعض المناطق على أرض الواقع. وبيّنت أن هذا أضعف وجودها داخل الإنترنت، لكنها تنشط بشكل كبير باللغات العالمية الإنجليزية والألمانية وغيرهما، وخلال الشهرين الماضيين تجدد نشاطها باللغة العربية وموجّه للمغرب العربي. ووفقاً لتقريرٍ أعدّه الزميل فهيد الغيثي ونشرته "الاقتصادية"، قال عبد المنعم المشوح رئيس حملة السكينة المتخصّصة بتصحيح الأفكار المتطرفة إن الحملة حاورت عبد العزيز العنزي الذي يعتبر من أبرز شخصيات تنظيم القاعدة حيث كان في الإنترنت باسم (أخو من طاع الله) كما أنه يرأس اللجنة الإعلامية للتنظيم في المنطقة، مبينا أن العنزي كانت له جهود كبيرة وواضحة في دعم تنظيم القاعدة فكريا ونشر فكر التنظيم عبر المواقع والمنتديات، حيث التقاه مُحاور السكينة مرتين عبر "الماسنجر" كما جرت عدة حوارات معه في أحد المنتديات العامّة وهي كذلك مسجلة وموثقة لفائدة الباحثين والدارسين، وقال المشوح: ''لاحظنا مدى الارتباك الذهني لديه وانتقاله من موضوع إلى آخر بشكل سريع ووصلنا معه – فيما ظهر لنا – إلى بعض الخطوات الإيجابية ثم انقطع عن الحوار". وعن عدد الذين حاورتهم الحملة حتى الآن، قال المشوح: دخلنا في حوار موسع مع 3250 متعاطفا، إذ بلغ عدد من وصلتنا منهم رسائل إيجابية تقريبا 1500، بينما تختلف نسب التراجع - وفقا للمشوح - من شخص لآخر. وزاد أن ثماني رسائل ماجستير ودكتوراه استفادت من هذه الوثائق التي نظّمناها في مجموعة تحت اسم (وثائقي السكينة) وحرصنا على تنزيل وتوثيق الحوارات كما هي. وعن عدد المواقع المحرضة والداعية للإرهاب رد رئيس حملة السكينة بقوله: ''المواقع الداعمة للفكر المنحرف والمتطرف مرّت بمراحل وأطوار مختلفة يزيد عددها وينقص، حيث تراوح بين (250 – 300) موقع، وذلك وفق ما لدينا من معطيات في حملة السكينة، مبينا أنها الآن في تزايد وبلغات عالمية. وفي سؤال عن أعداد معتنقي فكر القاعدة عبر الإنترنت في الوقت الراهن أوضح المشوح بقوله: ''قد لا يوجد انتماء كبير لتنظيم القاعدة لكن يوجد مع الأسف انتماء لأفكاره وأدبياته، فالأفكار من الصعب اندثارها وخاصّة أن التنظيم نشط قبل سنوات في مجال التأليف والنشر، ففكر التطرف والغلو في التكفير والانحراف في مفهوم الجهاد ضعف مع بداية الثورات العربية، ولكنه عاد الآن بشكل شرس على أرض الواقع؛ لأن الإرهاب دائما ينشط في الأجواء المشحونة والتي يضعف فيها الأمن. وفي تساؤل آخر، هل لاحظتم تغيرا في أساليب الحوار مع الجماعات المتطرفة، أكد المشوح، بطبيعة الحال هناك اختلافات جوهرية، فالحوار مع الجيل الأول والثاني كان يحمل محتوى ضخما من النقاش الشرعي كما يحمل هامش تديّن، أما الجيل الثالث فهو أضعف علميا وأكثر شراسة وتوحشا. وحول إذا ما كان لدى الحملة حوارات أخرى، قال المشوح، حرصنا منذ (2006 م) التقليل من معدّل الحوارات والتركيز أكثر على التأًصيل العلمي والبنّاء، وقد انتقلنا من مرحلة الردود والنقاشات المباشرة إلى مرحلة البناء والتي نجدها أكثر تأثيرا. وزاد: الحوار مع أصحاب الغلو في التكفير والجهاد أفضل من الحوار مع دعاة الفتنة والمظاهرات فهؤلاء غير واضحين ولديهم كذب وتدليس، ويرفضون أصلا الاستمرار في الحوار، وأغلب ما لديهم سب وشتم واتهامات؛ لذلك اتجهنا بشكل كبير في مواجهة فتنة المظاهرات إلى البيان الشرعي والتأصيل العلمي ونشرنا أكثر من (80) مادة علمية تواجه الفتنة. وحول رؤيته لمواجهة السعودية للإرهاب الفكري، رد رئيس حملة السكينة: ''السعودية قدّمت أنموذجا تاريخيا في مواجهة الفكر بالفكر، ويثبت ذلك اتجاه دول العالم إلينا للإفادة من تجربة السعودية، وإن كنا ما زلنا نقول إن البرامج المطروحة ليست بالمستوى المأمول لكن الواقع يشهد أننا انتصرنا – والحمد لله – في معركتنا الفكرية مع الإرهاب وتخطينا المرحلة الأولى المهمة، وأمامنا عدة مراحل لاجتثاث هذا الفكر وتعزيز الوسطية والاعتدال". وفي طرح تساؤل عن عدم نزول حملة السكينة إلى المدارس وتنفيذها برامج توعوية وتوجيهية لطلاب وطالبات المدارس، قال: ''نحن نتحرك وفق إمكاناتنا، ومع ذلك شاركنا في عدة برامج، فلن نتأخر عن أي برنامج يسهم في تعزيز الوسطية، لكننا نؤمن بالتخصص والتركيز لذلك نحن نركز على موقع السكينة ليكون بوابة عالمية للوسطية ومواجهة التطرف.