أثار فيديو يكشف عمليات تدمير مقبرة بالقرب من مدينة بنغازي الليبية، غضب البريطانيين بشدة. وتحت عنوان "فيديو يُظهر تدمير مقابر الحرب البريطانية في ليبيا"، قدمت صحيفة "الأوبزرفر" البريطانية، أمس الأحد، تحقيقاً مصوَّراً أعده مراسل الصحيفة في ليبيا كريس ستيفين، وقال فيه: إن عمليات نبش وتدمير وتدنيس القبور في المقبرة المذكورة تُسلِّط الضوء على "السيطرة المحدودة" للحكومة الليبية على الجماعات المسلحة في البلاد.
كما تشير تلك العمليات، يضيف التقرير، إلى تردد السلطات في مواجهة الجماعات الليبية المسلحة التي كانت قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ومنها القوات البريطانية، حتى الأمس القريب تقدم الدعم اللازم لها لتمكينها من الإطاحة بنظام الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، الذي لقي حتفه في العشرين من شهر أكتوبر من العام الماضي.
ويقول المراسل: إن تسجيل فيديو أُفرج عنه مؤخراً يُظهر قبوراً في مقبرة عسكرية بريطانية في ليبيا وهي تُدمَّر على أيدي، ما يبدو أنهم عناصر "ميليشيا إسلامية". ويضيف أن شريط التسجيل، الذي التقطته عناصر الميليشا المذكورة أنفسهم، يُظهر أكثر من 30 رجلاً مسلحاً وقد راحوا يركلون بأرجلهم شواهد قبور الجنود البريطانيين، بينما أخذ رفاق آخرون لهم يحطمون النصب التذكاري المقام في المكان تخليداً لضحايا تلك الحرب.
وينقل التقرير عن أحد المسلحين الذين انتشروا في المقبرة قوله وهو يخاطب زملاءه بحماس: "حطِّموا صليب هؤلاء الكلاب". أمَّا زميله الآخر، فقد اعتلى سلَّما لكي يحطِّم بمطرقته نصب الصليب في المقبرة التي تحتوي رفات أكثر من 100 جندي من بريطانيا ودول الكومنولث ممن قاتلوا تحت إمرة القائد العسكري برنارد مونتجمري في الجيش الثامن البريطاني خلال الحرب العالمية الثانية.
تقول الصحيفة: إن عملية تدمير وتدنيس القبور سببت موجة من الصدمة والاستياء في كل من ليبيا وبريطانيا، إذ تنقل عن عضو البرلمان البريطاني دانييل كوزينسكي وصفه لعناصر الميليشيا ب "المدنسين".
أمَّا المجلس الوطني الليبي الانتقالي، المسؤول عن تسيير شؤون البلاد منذ الإطاحة بنظام القذافي، فقد نشر الأسبوع المنصرم بياناً على موقعه على شبكة الإنترنت، قدَّم من خلاله اعتذاراً للبريطانيين عن تدمير المقبرة.
وحمَّل المجلس مسؤولية الاعتداء على المقبرة ل "ثلاثة من الشبان الطائشين"، وإن كان الشريط يظهر أن الهجوم كان منظماً، إذ أحضر أفراد المجموعة معهم مطارق وسُلَّماً لتنفيذ الاعتداء.
ويختم التقرير بتحذير إلى السلطات الليبية يحضها فيه على ضرورة إلقاء القبض على الجناة، وإلا واجهت حكومة طرابلس التهم بأنها قد استسلمت للجماعات المسلحة وسلَّمت القيادة لسلطة وقوة البندقية، أي المسلحين الذين عجزت عن نزع أسلحتهم رغم مرور أكثر من أربعة أشهر على سقوط نظام القذافي.